كلف العاهل المغربي الملك محمد السادس رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش بتشكيل الحكومة المغربية الجديدة لينتهي عقد كامل من تصدر حزب العدالة والتنمية للحياة السياسية في المغرب، ومن جديد يطغى مفهوم التصويت الانتقامي أو ما يمكن أن نصفه بالديمقراطية السلبية على الساحة العربية، وهو المفهوم الذي يمكن نسبته إلى الانتخابات الفلسطينية سنة 2006 التي شهدت خسارة حركة فتح أمام كتلة التغيير والإصلاح الممثلة لحركة حماس، فيما وصفه مراقبون أنه تعبير عن احتجاج لتفشي الفساد والمحسوبية في صفوف السلطة التي هيمنت حركة فتح علي مؤسساتها منذ تأسيسها.
الصحافة العربية تحدثت عن سقوط الإخوان من جديد في المغرب، وكان الحديث يدور حول نتيجة الانتخابات في سياق تجربة صعود حركة الإخوان المسلمين وأذرعها السياسية بعد الربيع العربي لدرجة أظهرت فوز أخنوش بوصفه حدثاً هامشياً، فلم تكن شخصية الحزب الفائز السياسية تعني أحداً بقدر ما كان التركيز على مصير التجربة الإخوانية.
ينتمي حزب التجمع الوطني إلى فضاء الدولة العميقة، ويرفع توجهاً ليبرالياً اجتماعياً، ويؤشر فوزه إلى تمحور الانتخابات في المغرب حول الشأن الاقتصادي الضاغط الذي لم يتمكن حزب العدالة والتنمية من ترجمة الوضع الاقتصادي الجيد نسبياً في المغرب إلى مكتسبات يمكن للمواطنين أن يتلمسوها، وظهرت من جديد نفس مشكلة الأحزاب ذات التوجه الإسلامي التي لم تستطع في تجاربها المختلفة أن تحقق الوعود الانتخابية وأن تحدث تغيراً جذرياً في تحقيق التنمية التي تشعر المواطنين بحصولهم على عائد حقيقي من انتخاب الإسلاميين.
في خلفية الصورة يحضر عند الفعل الانتخابي دائماً نماذج ينسبها الإخوان المسلمون إلى أنفسهم، أو يلتصقون بها، أو يتسلقونها، وتحديداً تجربة رجب طيب أردوغان في تركيا، ومهاتير محمد في ماليزيا، والتجربة الأولى استطاعت أن تقطف ثماراً لتجربة بدأت في الثمانينيات مع تورغوت أوزال وقراراته الاقتصادية الجريئة، ولا يبخس ذلك منجزات أردوغان الاقتصادية التي استندت لسلوكه السياسي البرغماتي في الأساس، والأمر نفسه ينسحب على مهاتير محمد الذي بدأت مقاربته للإسلام من مدخل قومي واشتملت على نقد جذري في ممارسته لشعار الإسلام هو الحل، فالحل كما قدمه هو تعزيز مكانة العلوم والخبرات الحياتية والمحافظة على صورة التقاليد الإسلامية.
هذه ليست نهاية الإخوان المسلمين بوصفهم تنظيماً، فما حدث هو من طباع الديمقراطية وتداول السلطة، وستؤدي التجارب المتلاحقة في مصر والمغرب وتونس إلى مراجعة واسعة على مستوى الإخوان المسلمين إلى تغيير جذري في الخطاب، وتواضع في سقف الطموحات تجاه إحلال المشاركة مكان المغالبة التي صبغت التجربة الإخوانية في مرحلة الربيع العربي.
تحصل العدالة والتنمية على عدد هامشي من المقاعد لا يجعله عنصراً مؤثراً في صياغة التوجهات السياسية المغاربية، وإمعاناً في الديمقراطية السلبية التي نعايشها في المنطقة العربية فإن مصير الإخوان المسلمين خلال السنوات المقبلة مرتبط بمدى نجاح الحزب الذي تولى السلطة في تحقيق ما فشل الإخوان في تحقيقه، وإذا لم يحدث ذلك، وغالباً لن يحدث في المدى المتوسط، فإن تصويتاً انتقامياً آخر ربما يأتي بالإخوان المسلمين وهكذا، وصولاً إلى وجود وعي لدى الناخب بضرورة وجود البرنامج الانتخابي من جهة، وأن يكون البرنامج واقعياً وواضحاً في طموحاته والتضحيات المطلوبة من أجل تحقيقه، فالتنمية والتقدم والنهضة ليست مجرد شعارات أو صف للكلام.
تحصل العدالة والتنمية على عدد هامشي من المقاعد لا يجعله عنصراً مؤثراً في صياغة التوجهات السياسية المغاربية، وإمعاناً في الديمقراطية السلبية التي نعايشها في المنطقة العربية فإن مصير الإخوان المسلمين خلال السنوات المقبلة مرتبط بمدى نجاح الحزب الذي تولى السلطة في تحقيق ما فشل الإخوان في تحقيقه، وإذا لم يحدث ذلك، وغالباً لن يحدث في المدى المتوسط، فإن تصويتاً انتقامياً آخر ربما يأتي بالإخوان المسلمين وهكذا، وصولاً إلى وجود وعي لدى الناخب بضرورة وجود البرنامج الانتخابي من جهة، وأن يكون البرنامج واقعياً وواضحاً في طموحاته والتضحيات المطلوبة من أجل تحقيقه، فالتنمية والتقدم والنهضة ليست مجرد شعارات أو صف للكلام.