اخبار البلد ـ لم تتراجع الأزمات الضاغطة على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من الداخل والخارج، ومع ذلك فإن زعيم حزب الليكود اليميني الإسرائيلي ما زال يُجاهد في سبيل بقاءه السياسي، سواء استطاع تشكيل حكومته من خلال ترتيب تحالف مزدوج مع القائمة الموحدة وحزب «يمينا»، أم اضطّر إلى خوض غمار الانتخابات الخامسة.
ويبدو أن نتنياهو يستنسخ تجربة الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترامب، في استغلال النزعة المتطرفة لدى الجمهور، والتي قد تؤتي أُكلها أكثر في دولة الاحتلال الإسرائيلي . حيث تعتبر «إسرائيل» دولة استيطانية ليس لها جذور تاريخية، فهي قامت على أنقاض فلسطين بعد تهجير أهلها واغتصاب أرضها عام 1948م. بمعنى أن «إسرائيل» ذو نشأة عسكرية، وبقائها واستمرارها يعتمد بالأساس على صبغتها العسكرية، وقد أعرب عن هذه الحقيقة الرئيس الإسرائيلي الأول «ديفيد بن غوريون» حينما قال:»إسرائيل عبارة عن مجتمع عسكري».
ومن هنا عمل نتنياهو على استغلال هذه النقطة، ولعب على وتر عسكرة المجتمع الإسرائيلي، ويتضّح ذلك في ردّه على إعلان الجنائية الدولية ولايتها القضائية على الأراضي الفلسطينية بقوله: «إسرائيل تتعرض لهجوم وسنتصرف ضده»، خصوصاً وأن السياسيين ووسائل الإعلام الإسرائيلية تجاهلت هذا الإعلان، بزعم أنه ليس لدى المحكمة الدولية السلطة للتحقيق في جرائم الحرب التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، إلا ان نتنياهو استغلّ هذا الاعلان من منطلق أن خارج كل أزمة تكمن فرصة.
ولا عجب أن يطلق عليه البعض « بيبي» ، فهو يود تصوير نفسه بأنه الأكثر خبرة بحكم سنوات حكمه الطويلة، والأقدر على القضاء على التخوّف الإسرائيلي العام والتحرّك إلى مواجهة ومنع المحكمة الجنائية الدولية من استجواب وملاحقة العشرات أو المئات من ضبّاط «إسرائيل» وسياسييها ، من أفيغدور ليبرمان وبيني غانتس إلى نفتالي بينيت، إضافة إلى رؤساء أركان سابقين في جيش الاحتلال، ورؤساء أجهزة المخابرات الإسرائيلية.
وكان القضاء الإسرائيلي قد أجّل جلسات محاكمة نتنياهو في اتهامات بالفساد إلى ما بعد انتخابات الكنيست، وحدّد يوم 5 نيسان/ أبريل 2021 موعداً لبدء الاستماع للشهود. وفي المقابل فقد حرّض نتنياهو الجمهور الإسرائيلي للتظاهر أمام القضاء، متّهماً إيّاه بعرقلة تنفيذ خطته الاقتصادية.
ويبدو أن نتنياهو سيسعى مستقبلاً إلى تطهير الجهاز القضائي الإسرائيلي من العناصر المعارضة له، بحجة الاستمرار في التطوير الاقتصادي، إلى جانب تمكين الجبهة القضائية الإسرائيلية في مواجهة المحكمة الدولية، إلا أن مدى نجاح نتنياهو في البقاء السياسي والخروج من المأزق القضائي يبقى منوطاً بماهية وحجم الأثمان السياسية التي يُمكن أن يدفعها نتنياهو لصالح منافسيه وخصومه .