اخبار البلد - صحيح أن هول الجائحة في السلط كان مروعاً وصادماً, وخنجراً في الظهر, وسكينا في الخاصرة, بالأمس سقطت الأقنعة وبانت العورات, وانكشفت السوءات, فالناس أصبحت لا تثق بالقطاع الطبي العام, فانتشار الوباء والأزمة الاقتصادية انعكس على المستشفيات, وهذا ساهم في انفجار هذا الدمل في أحرج الأوقات, وفي أدق المراحل.
وحتى تسقط كل الدسائس, ما حدث قد حدث, ولا يجدي نفعاً لطم الخدود وشق الجيوب, جلد الذات لن يغير شيئاً, بل يعيدنا إلى الخلف خطوات واسعة وربما سنوات طويلة, في المئوية الثانية نتطلع نحو النهوض والتحديث والتطوير والارتقاء والحداثة.
وحتى يلتئم جرح السلط علينا مواجهة من يستثمر بالمصيبة, ينفث السم لتدمير مستقبل الأمة, يحاول تضخيم الأخطاء, والرقص على الجراح, والتلذذ باجترار السلبيات, لجرح الكرامة الوطنية, وتحطيم النفس الأردنية, ليدفعنا نحو اليأس والقنوط والاستسلام, هناك من يتعمد التقليل من قيمة الوطن ومنجزاته, وتصغير شأنه ومؤسساته, يستمرئ النواح والنحيب ليقودنا للشعور بالفشل والخذلان.
حتى يلتئم جرح السلط, علينا أن نؤمن بعدم الكمال مع السعي نحو الأفضل, واستخلاص العبر, والاستفادة من الدروس, وبالرغم من كل المطالب المشروعة, يجب أن نزرع في أبنائنا قيم الصبر والانضباط, وأن يكونوا مفاتيح للخير مغاليق للشر والتعالي فوق الجراح, والتسامي فوق الألم, تجاوز الواقع, والنظر بعين الثقة والتفاؤل للمستقبل, يجب أن نصنع جيلاً يصبح الوطن في وجدانه عظيماً.
وحتى يلتئم جرح السلط, وفي أوج الأزمة, هب جلالة الملك إلى موقع الخلل, لتطويق الحدث, ووأد رأس الفتنة, وقطع دابر الشرارة, استطاع بما يتمتع به من روح القيادة والشخصية النادرة وقوة الإرادة والقدرة على الفعل احتواء الموقف, ظهر شجاعاً في المواقف الصعبة, مقداماً في الظروف الاستثنائية, مغامراً بنفسه بين جماهير مفجوعة, تحلى جلالة الملك بفضيلة التواصل لفهم الموقف, والاطلاع على الواقع, ومشاهدة الحقيقة, متماشياً مع النظرة القيادية الإنسانية, للوقوف بجانب ذوي الضحايا, وتضميد الجراح والاحساس بالأسى على فقدانهم, قائد الوطن نجح في امتصاص الصدمة, واستعادة زمام المبادرة, والتوجيه بعقاب المقصرين حتى يلتئم جرح السلط وتشفى الصدور وترتاح الأنفس.