نتعرف في هذا التقرير على معنى المتحورات (variant)، ومدى اختلافها عن الطفرة (mutation)، ثم نتعرف على كل سلالة متحورة من الثلاث، والمخاطر التي تشكلها، وفي نهاية التقرير نحمل لكم أخبارا جيدة.
أولا: ما الفرق بين الطفرة والتحور؟
الطفرة (mutation) هي تغير في ترتيب المادة الوراثية في الفيروس، وبعض هذه الطفرات قد لا تترك أثرا في الفيروس، لكن بعضها قد يؤثر في قدرته على الانتقال والعدوى.
التحور (variant) -ويعرف أيضا بالسلالة المتحورة- وهي نسخة من الفيروس تضم مجموعة من الطفرات، مما يعني أن كل سلالة متحورة تضم مجموعة من الطفرات.
ننتقل الآن إلى السلالات المتحورة الجديدة
السلالة المتحورة البريطانية
الاسم: "بي.1.1. 7” (B.1.1.7)
أهم الطفرات التي تحويها:
"إن 501 واي” (N501Y): هذه الطفرة تجعل الفيروس أكثر انتشارا، وذلك وفقا لتقرير في صحيفة "لوفيغارو” (Le Figaro) الفرنسية، للكتّاب سيريل فانليربيرغ ومارك شيركي وتريستان في وفانسون بورديناف.
"70 ديل-69” (69-70del)
"بي 681 إتش” (P681H)
السلالة المتحورة الجنوب أفريقية
تعرف بأكثر من اسم: "بي.1. 351″ (B.1.351)، و”في2. 501” (501.V2)
أهم الطفرات التي تحويها:
"إن 501 واي” (N501Y)
"كيه 417 إن” (K417N)
"إي 484 كيه” (E484K): وفقا لتقرير لوفيغارو فإن هذه الطفرة تثير قلقا كبيرا لأن لها خصائص مقاومة للأجسام المضادة الأكثر فعالية التي أفرزتها أجساد المرضى المتعافين من "كوفيد-19”.
وحذّر علماء من أن السلالة التي اكتُشفت في جنوب أفريقيا ربما تتمكن من التسلل عبر أجزاء من الجهاز المناعي إلى نحو نصف الأشخاص الذين أصيبوا بسلالات مختلفة في وقت سابق، وذلك وفقا لوكالة الأنباء الألمانية.
ونقلت صحيفة "ديلي ميل” (Daily Mail) البريطانية عن باحثين القول إنه يبدو أن التحور في جزء معين من البروتين الشوكي الخارجي للفيروس يكسبه قدرة على "الهرب” من الأجسام المضادة.
وخلص أكاديميون من جنوب أفريقيا إلى أن 48% من عينات دم أشخاص أصيبوا بفيروس كورونا في السابق لم تظهر ردّ فعل مناعي تجاه السلالة الجديدة، وقال أحد الباحثين إن "من الواضح أن لدينا مشكلة”.
وقال كبير الباحثين القائم على الدراسة، بيني مور، إن الأشخاص الذين أصيبوا بأعراض قوية لفيروس كورونا في الإصابة الأولى ولديهم رد فعل مناعي أقوى، أقل عرضة للإصابة مجددا.
وأشارت الدراسة إلى أن هذا يعني أن الأشخاص الذين أصيبوا بفيروس كورونا منذ 3 أشهر أو أكثر ربما لن تكون لديهم المناعة الطبيعية الكاملة إذا ما أصيبوا بالسلالة الأحدث من الفيروس.
السلالة المتحورة البرازيلية
الاسم: "بي.1.1. 248” (B.1.1.248)
أهم الطفرات التي تحويها:
"إن 501 واي” (N501Y)
"إي 484 كيه” (E484K)
ووفقا لتقرير لوفيغارو، فإن اكتشاف التحور الثالث في البرازيل أحدث ضجة أكبر، لأنه يحمل خصائص من طفرتين، وقد تسبب في موجة انتشار جديدة للعدوى في مدينة ماناوس، التي تأثرت كثيرا بالموجة الأولى واعتقد العلماء أن سكانها اقتربوا من اكتساب مناعة جماعية.
وحسب كتّاب التقرير، فإن هذه السلالة التي اكتُشفت في البرازيل تعدّ الأكثر نشرا للعدوى ومقاومة للمناعة المكتسبة بعد الموجة الأولى.
لمَ تجعل هذه التحورات الفيروس معديا أكثر؟
السرعة التي انتشرت بها السلالة الجديدة في المملكة المتحدة تشير إلى أنها معدية بنسبة 50% إلى 70% أكثر من الفيروس الأصلي. ولم تتضح الأسباب البيولوجية، لكن الشكوك تتركز على الطفرة "إن 501 واي”، فهي قاسم مشترك مع سلالتي جنوب أفريقيا والبرازيل.
ويبدو أن هذه الطفرة تغير شكل الأشواك، أي النتوءات التي تملأ سطح الفيروس، فهذه الطفرة تحدث تغييرا على شوكة الفيروس (وهي نتوء بروتيني يسمح له بدخول الخلايا). ويُشتبه في أنها تجعل هذه النسخ المتحورة من الفيروس أكثر عدوى لأنها تقع في موقع ربط المستقبل الفيروسي لدخول الخلية، مما يزيد من قدرته (الفيروس) على الارتباط بالمستقبل في الخلية المستهدفة.
والنتيجة أن الأمر لا يتطلب سوى كمية أقل من الفيروس لإصابة شخص ما بالعدوى.
إلى أين وصل انتشار السلالات الجديدة؟
وفق ما أفادت به منظمة الصحة العالمية، اليوم الأربعاء، فإن النسخة البريطانية المتحورة من فيروس كورونا رُصدت في 60 دولة ومنطقة على الأقل حتى الآن.
ولم تكن النسخة المتحورة من الفيروس التي رُصدت في بريطانيا، وهي أكثر عدوى من الفيروس الأصلي سارس-كوف-2 وتقلق كثيرا من الدول، منتشرة سوى في 50 دولة في 12 يناير/كانون الثاني.
وقالت المنظمة، في نشرتها الأسبوعية عن وضع الوباء، إن النسخة المتحورة الثانية التي ظهرت للمرة الأولى في جنوب أفريقيا ويعتقد أنها أكثر عدوى من النسخة البريطانية إلا أنها تنتشر بشكل أبطأ، رُصدت من جهتها في 23 دولة ومنطقة حتى اليوم، بزيادة 3 عن العدد الذي سجل في 12 يناير/كانون الثاني.
تطور سريع جدا
تتطور السلالة الجديدة المكتشفة في إنجلترا بآلية سريعة جدا، ويذكر الكاتب فانسون بوردوناف في التقرير الذي نشرته صحيفة لوفيغارو الفرنسية أنه في شهر يناير/كانون الثاني ما زال الوضع الوبائي -في فرنسا- هشا جدا. ويبلغ عدد الإصابات اليومية الجديدة نحو 20 ألف حالة، في الوقت الذي يرتفع فيه عدد الحالات المقيمة في المستشفى وداخل العناية المركزة منذ 10 أيام تقريبا.
ويقدر رقم التكاثر الأساسي بـ1.19، حسب الوكالة الوطنية للصحة العمومية، مما يعني أن الوباء يتطور. وتعد الزيادة أقل قوة من تلك التي عرفتها فرنسا في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ولا يزال من السابق لأوانه تحديد آثار حظر التجول بدءا من الساعة 6 مساء، لكن توقعات علماء الأوبئة ليست مشجعة جدا.
ورقم التكاثر الأساسي يشير إلى متوسط عدد الأشخاص الذين يتوقع أن ينقل الشخص المصاب المرض إليهم، ويستخدمه العلماء للتنبؤ بمدى وسرعة انتشار المرض، ويساعد على وضع السياسات بشأن كيفية احتواء تفشي المرض.
وتقول فيتوريا كوليزا مديرة الأبحاث في المعهد الوطني للصحة والبحوث الطبية والمتخصصة في نمذجة الأمراض المعدية "لو لم يكن هناك تهديد سلالات الفيروس الجديدة، لكان الوضع قد استقر في الأسابيع القليلة المقبلة”.
هل الأقنعة فعالة مع السلالات الجديدة من كورونا؟
أوصى المجلس الأعلى للصحة في فرنسا بتجنب استخدام بعض أقنعة الوجه القماشية ذات الجودة المنخفضة، لأنها أقل فاعلية في الوقاية من الإصابة بفيروس كورونا.
وفي تقرير لها، نقلت صحيفة "لوفيغارو” الفرنسية عن أحد المسؤولين في المجلس الأعلى للصحة العامة، أنه في مواجهة السلالة الجديدة سريعة الانتشار من فيروس كورونا، التي ظهرت لأول مرة في بريطانيا، يوصي المجلس بتجنب استخدام بعض الأقنعة القماشية "الأقل ترشيحا”.
وأوضح ديديه لوبيليتييه، رئيس مجموعة العمل ضد "كوفيد-19” التابعة للمجلس الأعلى للصحة قائلا "بمناسبة انتشار بعض السلالات الجديدة من فيروس كورونا الأكثر عدوى من سابقتها في أوروبا، وفي ظل عدم تغير طرق انتقال العدوى، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا يتمحور حول فئة الأقنعة التي يمكن اقتراحها على عامة الناس”.
وأضاف أن مجموعة العمل التابعة للهيئة الاستشارية للمجلس وضعت جملة من التوصيات الجديدة نهاية الأسبوع لعرضها على وزارة الصحة.
وحسب الهيئة، فإن من الأفضل ارتداء أقنعة الوجه القماشية القابلة لإعادة الاستخدام من الفئة الأولى، بدلا من أقنعة الفئة الثانية قليلة الترشيح أو الأقنعة المصنوعة يدويا، وذلك من أجل تقليص نطاق انتشار العدوى.
ووفقا للمعايير التي تعتمدها "الجمعية الفرنسية للتقييس” (Afnor)، فإن أقنعة الفئة الأولى تصفّي 90% من الجسيمات، في حين تنخفض النسبة إلى 70% عند استخدام أقنعة الفئة الثانية.
ويؤكد لوبيليتييه أن الأقنعة القماشية من الفئة الأولى التي صادقت عليها الإدارة العامة للقوات المسلحة فعالة مثل الأقنعة الجراحية.
وبخصوص التوصيات بشأن استخدام الأقنعة ذات الجودة العالية، فتشدد مجموعة العمل التابعة للمجلس الأعلى للصحة أيضا على أن تكون مسافة الأمان لمنع انتقال العدوى مترين لا مترا واحدا.
ويوضح لوبيليتييه، في هذا السياق، أنه "بمناسبة إشعارات ديسمبر/كانون الأول المتعلقة بالمحالّ التجارية أو موسم العطلات، فقد انتقلنا فعلا إلى اعتماد مسافة تباعد اجتماعي لا تقل عن مترين. وربما تكون المعطيات الجديدة فرصة لإضفاء الطابع الرسمي على هذه السياسة. لكن وزارة الصحة تبقى أمام خيارين، إما العمل بتوصيات المجلس الأعلى للصحة أو تجاهلها. وبوجه عام، تهدف هذه الآراء العلمية إلى إرشاد صناع القرار إلى اتخاذ السياسات الصحية المناسبة”.
الأخبار الجيدة
1- قال سالم عبد الكريم، وهو رئيس مشارك للجنة الاستشارية الوزارية لشؤون مرض "كوفيد-19” بجنوب أفريقيا، إن البيانات أظهرت أنه ليس من المرجح أن تتسبب السلالة الجديدة -جنوب أفريقيا- في دخول المريض إلى المستشفى أو في وفاته، وذلك وفقا لما ونقلت وكالة "بلومبيرغ” (Bloomberg) للأنباء الثلاثاء، ووكالة الأنباء الألمانية.
2- أظهرت نتائج فحوص مختبرية، اليوم الأربعاء، أن لقاح "كوفيد-19” الذي توصلت إليه شركتا فايزر وبيونتك (Pfizer-BioNTech) سيقي على الأرجح من السلالة الأشد عدوى من فيروس كورونا، التي اكتشفت في بريطانيا وانتشرت حول العالم.
وتستند النتائج المبشرة إلى تحليل عينات دم المشاركين في التجارب وتحليل مكثف مقارنة بالتحليلات التي نشرتها شركة فايزر الأميركية الأسبوع الماضي.
والأسبوع الماضي قالت فايزر إن دراسة مختبرية مشابهة أظهرت أن اللقاح فعال ضد تحور أساسي واحد يُسمى "إن 501 واي”، الذي رُصد في السلالتين الجديدتين المكتشفتين في بريطانيا وجنوب أفريقيا.
3- لا شيء يشير إلى أن هذه الطفرة كافية لجعل المتحورات مقاومة للقاحات الحالية، كما يقول العلماء، وفقا لتقرير في الدويتشه فيله.
وفي الواقع، حتى إن اتضح أن الأجسام المضادة لا تتعرف جيدا على هذه الطفرة، فإنها ستتمكن من استهداف المكونات الأخرى في الفيروسات المتحورة، من حيث المبدأ، إذ شرح فينسينت إينوف من معهد باستور في باريس أنه "حتى لو تراجعت قدرتها، فسيظل بإمكانها تحييد الفيروس”.
وعقّب عالم المناعة رينو رابولي، الباحث والمدير العلمي لدى شركة الأدوية غلاكسو سميث كلاين، بقوله "لا أعتقد أن هذه الطفرة وحدها تطرح إشكالية بالنسبة للقاحات”.
وشارك رابولي في إعداد دراسة صدرت في 28 ديسمبر/كانون الأول، وكان هدفها مراقبة ظهور فيروس متحور في المختبر، وخلصت إلى أن "علينا تطوير لقاحات وأجسام مضادة قادرة على التحكم في المتحورات الناشئة”.
لكن هذه الطفرة "يمكن أن تكون بداية المشكلات” للقاحات، وفق البروفسور غوبتا الذي قال إنه "في هذه المرحلة، يفترض أن تكون جميع اللقاحات فعالة، ولكن ما يقلقنا هو احتمال حدوث طفرات مستقبلية” تضاف إلى تلك التي نراقبها بالفعل، داعيا إلى "التلقيح بأسرع وقت ممكن في كل مكان في العالم”.