اخبار البلد - تتريث الحكومة في مسألة عودة الطلاب للمدارس في الفصل الدراسي الثاني قبل التيقن التام من تسطيح المنحنى الوبائي بشكل مريح. وهذا التريث منطقي، إذ إنه في حين تشهد الأرقام اليومية تراجعاً في الإصابات إلا أنها لم تصل بعد لنسبة الخمسة بالمائة التي يراها المختصون وبائياً مؤشراً مريحاً يستدعي قبول فكرة عودة طلاب الصفوف الأولى لمدارسهم مرحلياً.
كانت الاستعدادات بأن يكون التعليم في الفصل الدراسي الأول وجاهياً وضمن خطة تراعي ظروف سلامة الطلبة والمعلمين، لكننا في الأسبوع الثاني من الفصل الدراسي الأول دخلنا المرحلة الأصعب في جائحة كورونا، فكان اللجوء لخيار التعليم عن بعد اضطرارياً وهو خيار قد يكون مريحاً ومطلوباً ولكن في ظروف مثالية باعتبار أن التعليم الالكتروني خيار مستقبلي لا مناص منه.
الشكوى من معاناة الأهالي في عملية المتابعة اليومية الطويلة مع أبنائهم خاصة في الصفوف الأساسية كبيرة ومرهقة. بعض العائلات لديها أكثر من طالب في نفس المرحلة مما يستهلك منها وقتاً أطول في متابعتهم دراسياً ويفرض عليهم التزامات مالية أكبر لشراء حواسيب وأجهزة هاتف. وللأسف لا يحقق النتيجة المرجوة أو القريبة من التعليم المباشر.
المعروف أن أهم مرحلة تعليمية هي مرحلة التأسيس في رياض الأطفال والصفوف الثلاثة الأولى لأن الطالب فيها بحاجة لتفاعل حقيقي مباشر وليس افتراضيا مع المعلم. وليس كل الأهالي قادرين على مساعدة أبنائهم في اللغات والرياضيات والعلوم. ولا نغفل أيضاً عما للتعليم الوجاهي من دور في غرس السلوكيات التربوية الإيجابية وتعزيز قيم الانتماء الوطني.
صحيح أنه لم يكن أمام الحكومة من خيار إلا الذهاب للتعليم عن بُعد لأن احتمالية أن تشكل المدارس بؤراً لنقل العدوى كبيرة. ولكن البقاء على الآلية ذاتها ليس حلاً بل يزيد من المشكلة، فالطلاب الذين مُنعت المدارس عليهم من أجل تجنيبهم وتجنيب أهاليهم التقاط الفيروس ونقله انتشروا في الشوارع والأسواق دون أي التزام بمعايير الوقاية، وهذه مظاهر نشاهدها جميعاً، لذلك لم يعد الهدف الأساسي من التعليم عن بُعد قائماً.
مهم جداً التوقف عند ما ذكره قبل أيام الأستاذ الدكتور عزمي محافظة -وهو من أشد المناصرين لعودة التعليم الوجاهي خاصة للصفوف الأساسية-حول النسبة المتدنية للغاية للذين تعرضوا للإصابة بالفيروس من الفئة العمرية من خمس سنوات لغاية إحدى عشرة سنة، وهذه البيانات موجودة لدى وزارة الصحة، وتستطيع وزارة التربية والتعليم من خلال تطبيق الإجراءات الصارمة التي تضمن وجود بيئة صحية آمنة تحول قدر المستطاع دون إصابة طلاب المدارس.
في ذات الوقت سيجد مَن يقرأ سلم الأولويات لمتلقي اللقاح الذي اعتمدت الدول الأوروبية أن الكادر التعليمي يحل مباشرة بعد الجهاز الطبي وكبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة. وهذا الأمر ليس عبثياً بالتأكيد، فالهدف منه العودة بشكل كامل للتعليم الوجاهي في حين أن العديد من دول العالم ومنها دول عربية ومجاورة لنا لم يتوقف فيها التعليم الوجاهي أصلاً.
أمامنا شهر تقريباً لبدء الفصل الدراسي الثاني، والمفروض أن تستنفر وزارة التربية والتعليم – وإخالها كذلك- جهودها للخروج بتصور مختلف وجديد حول طبيعة التعليم. والمؤكد أنها تتواصل مع دول عديدة، أوروبية وعربية لم يتوقف فيها التعليم المدرسي خلال الفصل الحالي، للاستفادة من تجربتها.
لا أحد يملك تصوراً كاملاً عن نهاية هذا الوباء، والكل بدأ يعمل على جلب اللقاحات كأولوية قصوى، ويسعى بنفس الوقت لتجنب الوقوع في رهاب كورونا وتعطيل مناحي الحياة وخاصة الحيوية منها كالتعليم مع الاستمرار باتخاذ كافة الاحتياطات الصحية.