جاري الذي عمره 700 عام!

جاري الذي عمره 700 عام!
أخبار البلد -   أخبار البلد-
 
أنا من الناس الذين لا يحتفلون كثيراً بفكرة "الآثار”. وربما يبدو هذا مهيناً لأقاربي الذين توفّوا قبل 3 آلاف عام. وسأبدو من وجهة نظر أحدهم جاحداً. ولكنّني أعتقد دائماً أن أقاربي "الأكثر شباباً” أولى بالاهتمام.
سأشرح وجهة نظري كما يلي: بعد سبعمائة عام سيدخل فريق أثري الى أطلال قريتنا، وسيعملون بالحفر والتنقيب لمدة ثلاثة أشهر، قبل أن يخرج أحد علماء الفريق صارخاً: وجدت إبريقاً فخّارياً وصحوناً وجرزة صوف رجّالية!
سيكون الكشفُ تاريخياً ومهمّاً؛ وسيتصدر الأخبار والصحف، وستعيّن الدولة حراساً يقظين حتى لا يُسرق واحدٌ من الصحون ويباع بملايين الدولارات!
..
أما الآن، قبل السبعمائة عام المذكورة، فقريتنا وقبل أن تصير أطلالاً، لا قيمة لها ولا لأهلها الفقراء.
كما أن جارنا يكسر كل يوم بضعة صحون من الفخار الرخيص، بفعل العصبية والنرفزة، كونه جائعا وبيته فارغ، وأولاده يبيعون العلكة على الإشارات، ولا يعرف أن جرزته الصوفية التي لم تغسل منذ أسابيع ستباع يوماً ما بمائة ألف دولار!
..
هل التاريخ في خدمة الناس، أم الناس أدوات التاريخ؟
تساءلتُ وأنا أشاهد تقريراً على إحدى الفضائيات عن قرية عربية قديمة بيوتها كاملة من الطين!
وكان ثمة في التقرير خبراء أجانب يتحدثون عن القيمة التاريخية للقرية، خصوصاً وأنها ما تزال مأهولة، وشاهدتُ الصحفية الأوروبية التي أعدّت التقرير وهي تتحدث عن القرية بانبهار، وعن الجهود التي تبدل لإقناع أهلها بعدم تطوير أي شيء فيها، أو إدخال مظاهر مدنية وتقنية متطورة الى بيوتها، حفاظاً على تاريخيتها النادرة!
وجاء مسؤولون، أيضاً، يتحدثون عن محاولاتهم الدائمة لإقناع سكان هذه القرية بأن يرضوا بأقل الخدمات للحفاظ على بدائية الحياة فيها، لتظلّ مبهرة للسياح!
..
بعد ذلك تعود الصحفية الأجنبية الى الفندق الفاخر ذي الخمس نجوم في وسط العاصمة، لتستحمّ جيدا من غبار القرية الطينية، ولتنفض "الآثار” عن حذائها الثمين، ولتجلس أمام "اللابتوب” تكتب تقريرها عن الحياة في قرية مدهشة يعيش سكانها في بيوت من الطين.. لم تقع عليهم حتى الآن!
وعليهم أن يبقوا فيها، لنرى كم سيصمد الطين قبل أن يحولهم لحكاية مشوّقة!

المطلوب إذاً من هؤلاء الفقراء أن يتجمدوا في لحظة زمكانية معينة، وأن يبتسموا للمصور، وأن لا يجرأوا على سؤاله عن شكل بيته هو!
وأن لا يسألوا عن جهاز ما يبرد الماء، وآخر يبرد الهواء، وعن جهاز يحمل الأصوات الى أقارب بعيدين، وآخر يغسل الملابس، وجهاز يحمل خطاب رئيس الدولة، بصوته وصورته، الى حضن المشاهدين!

بالعادة لم أكن يوماً شغوفاً بالآثار، وفي أي رحلة رحتها منذ المدرسة الابتدائية وحتى الآن، أنتظر أصدقائي رفاق الرحلة على باب القلعة أو المدرج الأثري حتى ينهوا جولتهم،.. حتى أنني قبل أعوام بقيتُ في الباص على بعد مائة متر من الأهرام في مصر، وصورتها من نافذة الباص، مقنعا نفسي أنني أفعل ذلك من زاوية لم يطرقها المصورون قبلي! .. ثم لم ألبث أن خجلت أمام إلحاح المضيفين فنزلت وتسكعتُ قليلاً، ومغتاظاً، بجانب الهرم قبل أن أعود للباص!
أذكر هذه الحادثة لأشرح وجهة نظري التي تتلخص بأن الفقراء الذين يعيشون الآن في بيوت خالية من أدنى أدوات العيش والحياة، هم أولى بصلة الرحم التي نمارسها تجاه أقاربنا الذين ماتوا قبل سبعمائة عام!
والذين سيصيحون ابتهاجاً بصحون فخارية رخيصة بعد مائة عام عليهم أن ينتبهوا لهذه الصحون الآن، وملئها بما تيسر.
وبرأيي أن عائلة يمنية فقيرة أولى من آثار الملكة سبأ، وأن مصرياً لا يجد الآن ما يطعم أولاده هو أحق بالمصاريف من قبر جلالة الملك خفرع. على الأقل لأن "الحيّ أبقى من الميّت”!
شريط الأخبار الاحتلال الإسرائيلي يعدم طفلًا وسط رفح في انتهاك واضح لوقف إطلاق النار - (فيديو) "الجرائم الإلكترونية" تلاحق حسابات وأشخاص يحاولون إثارة الفتن عبر منصات التواصل الاتحاد الأردني لشركات التأمين وغرفة تجارة عمان يعقدان اجتماعاً مشتركاً لتعزيز التعاون ودراسة التحديات المشتركة الملك يهنئ ترمب بولايته الثانية المومني: مشروع قانون يسمح بتولي رئيس إدارة "بترا" و"التلفزيون الأردني" من غير الوزير التوجيه الوطني النيابية تناقش السياسة العامة للإعلام والاتصال الحكومي آلاف تحت الأنقاض.. غزة تعيش صدمة دمار البشر والحجر وإعادة الإعمار حتى 2040 كتاب سري لوكالة المخابرات الأمريكية يكشف عن نظرية صادمة حول نهاية العالم الحوثيون: "أيدينا على الزناد ومستعدون للتصعيد" هل ادّعى السيّد نصر الله الموت لدواعٍ أمنية؟.. صورة وإطلالة قريبة تُثيران الجدل وتأخير التشييع موضع تساؤل ‏بايدن يعفو عن أشخاص هدد ترامب بملاحقتهم قضائيا... منهم من عائلته أميركا و"الوعود الخمسة".. بأيّ منها سيبدأ ترامب؟ وزير الصناعة يترأس اجتماع اللجنة العليا لتنظيم مهرجان عمان للتسوق 2025 الملك يتفقد مشروع مساكن الملاحة في دير علا المكون من 400 وحدة العمل النيابية: تعديلات مشروع قانون الضمان تعالج العديد من الثغرات وزير "التربية" يتحدث عن مسألة النقل المدرسي ترمب: سأوقّع اليوم سلسلة من الأوامر التنفيذية التاريخية أسيرة محررة تتحدث عما كان يحدث داخل السجون... تعرية من الملابس وتجويع سعيد ذياب: المقاومة في غزة تُسقط أوهام الاحتلال وتُعيد رسم معادلة النصر الفلسطيني جامعة العلوم التطبيقية تُتوَّج بالمركز الأول على مستوى الجامعات الأردنية في مسابقة المحاكمات الصورية في قضايا التحكيم التجاري