وقد شهد هذا الأسبوع تكرارًا لهذا النمط الذي تعتمده دولة الاحتلال، في الاتصالات الجارية عبر وساطات مختلفة، مع حركة "حماس" في قطاع غزة، ومن خلال لقاء التنسيق والتعاون العلني بين السلطة الفلسطينية ودولة الاحتلال.
في حالة غزة، أشارت تقارير مختلفة إلى أنّ الاحتلال لوّح بمساعدات "طبية" بينها توفير لقاح فيروس كورونا للقطاع، مقابل تراجع "حماس" عن شرطها للتهدئة، وإعادة إعمار القطاع ورفع الحصار عنها والتنازل عن بعض الشروط المتعلقة بصفقة تبادل أسرى محتملة.
أما في سياق التنسيق مع السلطة الفلسطينية في رام الله، فيلوّح الاحتلال بتوفير اللقاح والخدمات "الطبية والإنسانية"، مقابل تعميق التنسيق الأمني والعسكري، وتشديد سياسة السلطة ضد فصائل المقاومة من جهة، والعودة لتسهيل عمليات التوغل الإسرائيلية داخل المنطقة "أ"، الخاضعة للسيطرة الأمنية والمدنية الفلسطينية، لتنفيذ عمليات اعتقال لمن تتهمهم سلطات الاحتلال ومخابراته بأنهم يشكلون خطرًا على أمن إسرائيل ومستوطنيها، من جهة أخرى.
هذا التوجه من دولة الاحتلال ليس غريبًا ولا مستبعدًا، وهو ينذر بقضم قدرة الشعب الفلسطيني وتنظيماته وفصائله، سواء في الضفة الغربية المحتلة، أو في قطاع غزة المحاصر، على مواجهة الاحتلال وسياساته. وهو خطر يزاد أكثر وأكثر في ظلّ الضغوط العربية ولا سيما المصرية والسعودية منها، على السلطة في رام الله، لتخفيف لهجتها ضدّ مسار التطبيع، وهو ما ترجم على أرض الواقع في بؤس الموقف الرسمي الفلسطيني من إعلان التطبيع مع المغرب، وتخفيف اللهجة ضدّ دول التطبيع الأخرى.
والراجح أن يكثّف الاحتلال ضغوطه على كل من "حماس" والسلطة الفلسطينية، لابتزازهما وكسب ما أمكنه من تنازلات إضافية، ما لم يواجه موقفًا فلسطينيًا موحدًا على الرغم من الانقسام، واتجاه السلطة في رام الله وسلطة "حماس" في القطاع، إلى بلورة موقف موحد في هذه الجزئية التي تختصّ بالأمن الصحي للشعب الفلسطيني كله، علّ ذلك يزيد من مساحات ونقاط الالتقاء الفلسطيني – الفلسطيني، لأننا أمام خطر داهم يهدد حياة الناس، وتأمين هذه الحياة يجب أن يسبق أي اعتبار آخر.