ظاهرة التسول كانت ولا تزال هاجسا يقلق مجتمعنا، فالبرغم من الاصوات الكثيرة المنادية بالتصدي لظاهرة التسول، الا انها تزداد وتتفشى بخاصة في فترة وباء كورونا، حيث يستغل اولئك المتسولون الظرف الحساس الذي تمر به البلد، للظهور مجددا والانتشار في مواقف الباصات والمجمعات والاسواق وفي المناطق السكنية الراقية، حتى باتت تلك «الظاهرة» واتصور انها لم تعد من المجدي ان يطلق عليها ظاهرة، لانها مازالت موجودة وترسخت منذ مدة طويلة ولم تتلاشى، فمنذ وعينا على الحياة ونرى المتسولين في الشوارع والطرقات وبين الاحياء السكنية يندسون بشكل عجيب يخرجون للمواطن بشكل مفاجيء امام المولات كانهم ينتظرون خروج الناس او دخولهم الى محل التسوق فيبدؤون في الحاحهم بطلب المال ويكررون السؤال فيصاب المرء بالنفور والضجر.
لا يستطيع المواطن ان يفعل شيئا تجاه اولئك الذين شئنا ام ابينا هم جزء من هذا المجتمع، وحري بكافة المؤسسات المجتمعية والاهلية والحكومية ايلاء تلك الشريحة الاهتمام اللازم والتعرف على الاسباب الحقيقية وراء قيامهم بالتسول واستجداء الناس، والذي يؤثر بشكل سلبي على صورة المجتمع وافراده. فبعض الدراسات ربما اشارت الى الحجج التي تدفع الشخص المتسول الى ان يفكر في الخروج الى الشارع واذلال نفسه وسؤال الاخرين، ليجعل المواطن يدخل في دائرة الحيرة والنفور والملل، فليس من المنطق ان يصل المتسول الى طرق الابواب والالحاح الغير مفهوم؟! لدرجة ان المواطن يخشى على نفسه وبيته فبعض المتسولين يسكنون في ذات الحي، فتصبح عليهم عملية التسول اسهل فالشخص المستهدف بالسؤال في متناول اليد يجوبون الحي يطرقون باب فلان وعلان من غير كلل او ملل وفي كل الاوقات، يلحون بالطلب فتتحول تلك «الظاهرة» الى وجه جديد لم يالفه المجتمع من قبل وهو تحول دراماتيكي للظاهرة برمتها.
نناشد المؤسسات الاجتماعية ان تتبنى قضية التسول بشكل جدي وفعلي، وعدم ترك «الحبل على الغارب» كي لا يتطور الامر الى مستوى غير مقبول قد يضر بالمجتمع وافراده. نحتاج الى دراسة مستوفية «لظاهرة» التسول ووضع الحلول التي تكفل علاج «الظاهرة»من جذورها واستيفاء كافة الجوانب النفسية والاجتماعية لتلك الشريحة والتي في كثير من الاحيان تمتلك القدرة الكافية على العمل وكسب قوت يومها، ولكن استسهال طريقة جني المال والمنفلتة من اي التزام او نظام يشجع اصحاب تلك «الظاهرة» على التسول واتخاذه « كمهنة» واستخدام ابنائهم من الاطفال لاستعطاف الناس، ولا يخلو الامر من المحترفين ذوي الخبرة حتى كاد يخاف المرء ان تكون «الظاهرة « تخفى امرا اكبر مما نراه ونعايشه كما شاهدنا في فيلم «المتسول» منذ فترة طويلة؟!
اما المضحك المبكي ان بعض الاطفال يتسولون بشكل موارب فعندما ينفذ مصروفهم اليومي لعلمهم مسبقا ان اسرهم لن تعطيهم مجددا او لتقليد اقرانهم فيفكرون في طريقة للحصول على المال لاشباع رغبتهم في شراء المسليات والحلويات فيقومون بطلب نقود من الناس كما المتسول تماما.
نتمنى ان تتضافر الجهود للتخلص من « ظاهرة» التسول والتي صارت هاجسا لا يمكن السكوت عليه بعد الان.