اخبار البلد ـ تتواصل الاحتيجاجات العنيفة في كردستان العراق وبخاصة في محافظتي السليمانية وحلبجة, اللتين يديرهما حزب الاتحاد الوطني (انجال ورفاق مام جلال طالباني), على نحو ينذر بتدهور الاوضاع السياسية والاجتماعية, دع عنك بؤس الأوضاع المعيشية وارتفاع منسوب الفقر والبطالة ودخولها مرحلة اللاعودة، إن لجهة العلاقات المتوترة (تاريخياً) بين الحِزبيْن الحاكِمين الديمقراطي (آل بارزاني) والوطني (آل طالباني), أم لجهة الأحزاب الثلاثة الأُخرى المُمثلة في برلمان كردستان, ناهيك عما يحمله الإنقسام بين الاحزاب السياسية الخمسة, من إمكانية باتت ماثلة في المشهد الكردي, ونقصِد حدوث انقسام على أُسس «جغرافية», بمعنى قيام إقليم مستقِّل آخر مركزه «السليمانية» يقطع بالكامل مع صيغة الاقليم الحالي حيث مركزه السياسي والبرلماني والتشريعي...اربيل.
عدم دفع الرواتب لأشهر طويلة (تم دفع رواتب 4 أشهر طوال العام 2020) فجّر الاحتجاجات, خاصة بعد قرار حكومة الاقليم دفع رواتب تشرين الأول واقتطاع نسبة 21% منها، ما أثار هذا الغضب غير المسبوق, عندما تم إحراق مقار ومكاتب الاحزاب «الخمسة» في السليمانية وحلبجة والنواحي والاقضية. واللافت ان قوى الامن لم تستوعب غضب الجمهور المشروع, بل قابلته بعنف زائد ما أوقع قتلى وجرحى، أسهم بتأجيج احتجاجات قد تنتهي بعصيان مدني يشمل الإقليم كله, اذا ما توفّرت لدى المُحتجّين قيادة, تأخذ على عاتقها تنظيم الاحتجاجات وعقلنتها واستيعابها ضمن إطار سياسي يتجاوز سيطرة الحزبين الحاكِمين «المُزمِنة» على المشهد الكردي, بكل تقلّباته وإخفاقاته ونجاحاته (المتواضِعة), وخصوصاً صراعاته وتذبذب تحالفاته, تارة باتجاه بغداد وطورا نحو إيران (الوطني/طالباني) ودائما نحو تركيا (الديمقراطي/ بارزاني).
كذلك يصعب تجاهل العامل الاقليمي, والتحالفات (الثنائية) التي يقيمها الحزبان الكبيران مع دول وتنظيمات في الجوار العراقي كما عبر المحيطات, وخصوصاً اكلاف وتداعيات الإستفتاء الفاشل «سياسياً» الذي أصرّ كاك مسعود على إجرائه (ايلول2017), حيث كرّس كارثة سياسية و«جغرافية» واجتماعية وخصوصاً اقتصادية على الكرد, الذين دفعوا ثمن الأوهام التي سيّطرت على عقول «نخبة» حزب بارزاني, تصديقهم وعود حليفهم التركي اردوغان, الذي كان أول مَن ادار ظهره لهم مُغلقاً حدوده البرية وأجوائه مع الإقليم, ما اضطر بارزاني المُتلعثم والمتفاجئ للإنثناء. من المبكر الحديث عن احتمال انفصال وشيك بين السليمانية واربيل وبروز «إقليمِيْن» كرديين في كردستان، الا ان القطيعة النهائية باتت احتمالا مُتدحرِجا، ولم يعد يكفي تحميل «بغداد» المُثقلَة بأزماتها مسؤولية تفاقم الازمة الاقتصادية, لتبرير كل ما يحدث في الإقليم من إحتجاجات وعِصيان مدنِيّ قد يأتي, كون جائحة «الفساد» باتت عميقة في إقليم توفَّر على ثروات وعائدات هائلة, لكنها تسرّبت الى ارصدة «المُتفّذين» في الحزبين ومَن والاهما. وحان الوقت لإعادة كتابة جدول أعمال جديد يطوي صفحة تفرّد الحزبين, ويفسح المجال لصيغة جديدة تنهض على حكم ديمقراطي ومؤسسات حقيقية وتكريس سيادة القانون, وتحريم مواصلة «الحزبين» التمتّع بـ«ريع» نضالِهما «السابِق». إضافة الى أهمية التوصل الى صيغة مقبولة لتجنيب الإقليم أكلاف الصراع الكردي/الكردي الذي تُغذّيه أنقرة بين(بي كي كي) و«الديموقراطي/بارزاني» على الزعامة وتمثيل الكُرد.