اخبار البلد - مع عودة مجلس الأمة إلى الاجتماع في دورة غير عادية، تبدأ الاستحقاقات الدستورية التي يتعين على السلطة التشريعية التعاطي معها. فبعد أن ينتهي مجلسا الأعيان والنواب من ترتيب بيتهما الداخلي من خلال تشكيل المكتب الدائم في كلا المجلسين، ينتقل المجلس إلى مهام دستورية أخرى أهمها تصويت مجلس النواب على الثقة على البيان الوزاري لحكومة الدكتور بشر الخصاونة. فالمادة (53/5) من الدستور تلزم الحكومة التي تتشكل أثناء حل مجلس النواب أن تقدم بيانها الوزاري خلال شهر من تاريخ اجتماع المجلس الجديد، وأن تطلب الثقة على هذا البيان.
كما ينتظر مجلس الأمة استحقاقا تشريعيا يتمثل بإقرار مشروعي قانون الموازنة العامة وموازنة الوحدات الحكومية لعام 2021، حيث أنه يفترض أن يبدأ العمل بهذين القانونين مع بداية السنة المالية الجديدة. فعلى الرغم من أن المشرع الدستوري قد تعاطى مع حالة التأخر في إقرار الموازنة العامة من خلال إجازة استمرار اﻻنفاق باعتمادات شهرية بنسبة 1/12 لكل شهر من موازنة السنة السابقة، إلا أن هذا المبدأ العام هو سنوية الموازنة.
ويبقى التساؤل الأبرز حول أي من هذين الإجراءين الدستوريين يتعين البدء به، حيث يُفضل البعض البدء بالثقة على البيان الوزاري، على اعتبار أنه لا يمكن التعاطي مع مشروع قانون أقرته الحكومة قبل اكتمال دستوريتها من خلال حصولها على ثقة مجلس النواب.
إن هذا القول غير سليم ويعوزه الدقة. فمن خلال استعراض نصوص الدستور الأردني نجد بأنه قد أقر للحكومة بدستورية كاملة من تاريخ صدور الإرادة الملكية السامية بتشكيلها وأداء الوزراء القسم أمام جلالة الملك. فالحكومة تتمتع بصلاحيات كاملة منذ تشكيلها، ولا تتوقف دستوريتها على حصولها على الثقة على البيان الوزاري. هذا على خلاف الحال في الدساتير المقارنة، التي توقف تعيين الحكومة على حصولها على الثقة من مجلس النواب، كما هو الحال في الدستور التونسي الذي يشترط نيل الحكومة ثقة مجلس النواب لكي يقوم رئيس الجمهورية بتعيين رئيس الوزراء والوزراء بشكل دستوري.
وما يؤكد أن الحكومة في الأردن تعد كاملة الدستورية من تاريخ تعيينها من جلالة الملك أن المادة (53/5) من الدستور تلزم الحكومة بتقديم بيان وزاري خلال شهر من اجتماع مجلس النواب الجديد بعد الحل. فبموجب المادة (73/1) من الدستور يمكن أن يبقى مجلس النواب منحلا لمدة أقصاها أربعة أشهر، على أن تقوم الحكومة بتقديم بيان وزاري خلال شهر من اجتماعه. فخلال هذه المدة الزمنية التي قد تصل أقصاها إلى خمسة أشهر لا يعقل أن يتم اعتبار الحكومة التي تشكلت بعد حل مجلس النواب ذات دستورية ناقصة، أو أن تحرم من حقها في إدارة شؤون الدولة الداخلية والخارجية وفق أحكام المادة (45/1) من الدستور.
إن استحقاقي البيان الوزاري والموازنة العامة يجب أن يتم التعاطي معهما بشكل متواز، بحيث يتم إحالة مشروعي الموازنة العامة والوحدات الحكومية إلى اللجان النيابية ذات الصلة، وخلال فترة عملها تقوم الحكومة بتقديم بيانها الوزاري للتصويت عليه في مجلس النواب.