بداية لو كنت وزيراً للإعلام لعملت فوراً بالإطاحة بكل القائمين على قناة المملكة، بعد ان أستمعت وشاهدت تقريرا لمراسل القناة عن حاث الدهس الذي وقع عند نفق الصحافة وذهب ضحيته عامل وطن ، حيث لم يذكر المراسل أية معلومة عن الحادث أو عن السيارة التي ارتكب سائقها الحادث، وكيف له أن يتنقل في ظل الحظر الشامل وغيرها من معلومات كان لابد للتقرير أن يتضمنها مهنياً في أبسط القواعد الخاصة بهكذا حوادث ، وهذا يعيدنا إلى المطالبة بضرورة ان تتم إعادة هيكَلة الإعلام الرسمي الذي يعيش فوضى إعلامية وضعفاً جعل المواطن يلجأ إلى وسائل إعلام أخرى ويستقي منها معلومات مغلوطة ومشوهة عن الوطن والمواطن ما أدى أيضاً إلى تسرب الفوضى إلى الشارع وهذا بالتأكيد وضع يستدعي الدراسة والمتابعة .
وفي ظل هذه الفوضى التي جعلت البعض يرى نفسه أهم من الدولة وجدنا مواطناً يتمرّدُ على الوباء وإعلام رسمي يقف عاجزاً عن إيصال رسالة واضحة للمواطن عن خطورة المرض على المواطن والمجتمع ، ومرشح فائز في الانتخابات يرى نفسه مارد فوقَ القانون ، وآخر خاسر للانتخابات يرى نفسه سيد العدالة ويريد إنفاذها على الآخرين ، وفي كل هذه الحالات انتشارٌ للفوضى وتعميمٌ للخروجِ عن الدولة وبعض مِن عدالتِها ، وفلتانٌ اجتماعي على وسائل التواصل الاجتماعي بحيث وجدنا كثرٌ يصفون أنفسهم بالإعلاميين دون أن تتحرك أجهزة الدولة لضبطهم ، وايضاً فلتان صِحيٌّ يستدعِي تعبئةً مُحكَّمة على قاعدة ( العصا لمَن عصى).
إن مشهدُ "كورونا" في جُزئِها الثاني أوقعنا بكارثةٍ واستبدَّ بما أوقعه علينا من ضحايا وإصابات وخسارة اقتصادية خطيرة ،ولم تكُن هذه الفوضى لتتمدّدَ لو أنّ الناسَ وَجَدت رادعاً مِن الدولة منذ زمن ليس ببعيد حيث كنا نشاهد المواطنين والمقيمينَ على هذه الأرض يمارسون حياتهم في كامل الاطمئنانِ ودون مراعاة لخطر الفايروس القاتل ولا يلتزمون بأبسط قواعد الأمان، في وقتٍ كان العدو يحاصرهم من كل زاوية أمامية وخلفية وجانبية وجدناهم يَعيشونَ في قلبِ الخطرِ ومعه وليسوا على حوافه ، بل وجدنا بعض أبناء شعبنا يتمرّدُ ويكابرُ ويعايشُ ويستكملُ مشاريعَه كأنّ وباءً لم يَكن ، ولعلّ مظاهر ما بعد الانتخابات وما رافق إعلان النتائج من حفلات إستقبال وإختلاط ومشاركةِ فرحة الفوز ورفعِ أقواس "الفوز والنجاح" بين المؤيدين والمناصرين وهم المجموعات التي يُفترضُ بها التزامُ قواعد الحجر أو التباعد الاجتماعي ،خير دليل على ما وصلنا اليه من استهتار .
أما اليوم، وبعدما صرنا في قعر الهاوية ، وصرنا في وضع لا يسمح للحكومة باتخاذ قرار الاغلاق التام أو الشامل لئلا يسقط اقتصادنا في فخ كورونا ونسقط نحن معه ، فبات ما كان ممكنا تطبيقه إرادياً منذ سنوات حماية للوطن وخاصة ما يتعلق بوقف مظاهر الفوضى المتعلقة "بالسلاح المتفلت " والتي تنطلق من هنا وهناك من حين لآخر ومع كل مناسبة او مع كل حدث ، فأنه أصبح الآن الزامياً تطبيقه بأسرع وقت، وألا نترك الوطن يعبث به أياً كان وتحت أي شعار وحتى لا تفترسنا الفوضى التي قد تبدو للبعض اليوم بسيطة، لكن إن تركت فانها ستفتك بنا جميعاً ، وسيسقط الوطن لا سمح الله بالمعنى الذي يعرفه الجميع.
ونحن إذ نعلم أن رئيس الحكومة الدكتور بشر الخصاونة وفريقه الوزاري يدركون أن السلطةُ السائبةُ تعلّمُ الناسَ عدمَ الاحترام ، لذلك لا بد من التشدد بالتعامل مع من يخرقون القانون أو يتجاوزون عليه هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى هناك أناس لا بد لرئيس الحكومة من أن يدرك ووزرائه أنه مع كل إجراء أو قرار يراد اتخاذه حماية للوطن أن يتم النظر الى فئة من أبناء الشعب وهم فئة تعمل بالأجر اليومي فمع كل تعطيل يومي يعني فقدان مصدر دخل يومي ، وبالتالي على الحكومة أن تقف عند خطوطِ فَقرِهم , ولنتلمّس شكواهم اليومية ولتعمل الحكومة على توفير ما يسدّ رمَقَ عائلاتهم وان تستبق الأوامر والقرارات بتدابير تعالج وضعَ اكثرَ من " 150الى 170" الفَ عائلة واقعة تحت خط الفقر وهذا الرقْم يتفرّغُ منه أُسَر لا يقلّ عدد افرادها عن 4 أشخاص ولذلك لابد لكل أجهزة الدولة ان تلتفت لهم فهُم اليوم مخيّرين بين الموت بضربةِ كورونا او الموت من الجوع ، وهنا لا بد من معالجة الاخطاء التي وقع فيها صندوق المعونة الوطنية ووزارة التنمية الاجتماعية سابقا، حيث تم حرمان آلاف الأسر من الحصول على أي دعم من صندوق المعونة بسبب "انه كان يوجد لبعضهم سجل تجاري او لديهم سيارة عمومي او خصوصي وغير ذلك"نعود لها لاحقاً.
وفي زمن "الجائحة كورونا" "الفالتة" على حل شعرها" ولا تخشى عيباً أو تخشى عقاباً وأقعدت الارضَ وهزمَت دولاً عظمى .... نأمل أن نخرج من إزعاجها بأقل الأضرار الممكنة، فلا وقت لدينا لنمارس الترف أو اللوم أو الاسترخاء أو حتى الاستهتار والإستهبال، فكلنا مسؤول عما يحدث في الوطن ، وكلنا مسؤول عن إحكام مركبنا من الداخل ومن الخارج خوفاً من ان يتسرب إليه ولنا ما يؤدي إلى غرقه ، فاليوم نحن والحكومة في قارب واحد في مواجهة خطر فايروس قاتل لا يرحم أو فوضى تهدم كل ما بنيناه خلال سنوات طويلة ، ولعل من واجب رئيس الحكومة الآن أن يبدأ حملة تعيد للإعلام الرسمي قيمته وهيبته ومصداقيته ليكون هو مصدر المعلومة الاول لكل ما يحدث في الوطن مهما كان هذا الحدث وأن يتم تغيير النهج "الميت "الذي يعمل على أساسه هذا الإعلام .