تعيش أوروبا حالة فزع والدعوات الى الاغلاق تتصاعد وستبدأ في المانيا اجراءات اعلنت عنها ميركل قبل ثلاثة ايام وتطبق من غد الاثنين حيث ستغلق المطاعم والمقاهي والمسارح وتمنع التجمعات واللقاءات لأي عدد يفوق عشرة اشخاص وتستقبل المحلات فردا واحدا في كل 10 أمتار مربعة. وستبقى المدارس والحضانات مفتوحة مع اجراءات وقاية اكثر تشددا. وحسب ميركل تتوفر 33 % من الاسرة في العناية الحثيثة (وهي الأعلى في اوروبا) لكنها لن تكفي لاستقبال المرضى المحتاجين مع اتساع الوباء في الايام القادمة وكانت نسبة الاصابات قد تضاعفت خلال العشرة ايام الماضية. واعلنت ميركل عن 10 مليارات يورو لدعم المتضررين من الاجراءات وتحدث وزير المال عن رصد 96 مليارا في موازنة العام القادم لدعم القطاعات المتضررة. هذا فيما تشهد فرنسا اعلى معدل اصابات في اوروبا اقتربت من 50 الف اصابة يومية وهناك تحضير لاجراءات غلق وقد قررت المفوضية الأوروبية ان تلعب دورا تنسيقيا يوحد السياسية الأوروبية وسيتم نقل المرضى الى الدول التي تتوفر فيها اسرة اكثر. وستبقى الحدود مفتوحة بين بلدان الاتحاد لكن الاغلاقات الداخلية سوف تتصاعد ويتم انتقاد التجربة السويدية التي تجاهلت الاغلاق. والحجة القوية اليوم لصالح الاغلاق أنه يكبح تمدد الوباء الى نسب تفيض عن قدرة المستشفيات على الاستيعاب وهو ما يعني ان يموت الناس على ابواب المستشفيات بسبب عدم توفر الأسرة واجهزة التنفس الكافية.
العالم كله يعيش موجة ثانية اعتى ويتجدد الجدل بشأن السياسات التي ينبغي اتباعها. وعندنا توجب ان نخسر في اسبوع واحد ستة أطباء بعضهم من اشهر وأفضل الأخصائيين في مجالهم لكي يقتنع آخر المتشككين بحقيقة الوباء وخطورته. هذا اضافة الى عدد وافر من الاصابات في الجيش الأبيض الذي يقف في الصف الأول في مواجهة كورونا. وخطورة الموقف قادت الى قرارات قاسية في الخدمات الطبية بإغلاق عيادات الاختصاص أمام المراجعين ووقف الزيارات للاقسام. والآن يتكدس المرضى في عيادات الطوارىء كما هو الحال في البشير ولا نعلم ما هي خطة القطاع الصحي اليوم لمواجهة هذه الأزمة.
التصريحات الرسمية لا تقول شيئا محددا عن خطة الاجراءات لمواجهة للطوارىء الصحية العامة ناهيك ما يخص وباء كورونا. هناك كثير من الانشاء والتعالي في الشرح المعمم كأنهم يتحدثون مع قاصرين ليس شأنهم الاطلاع على المعلومات والارقام. وأقول بوضوح ان هذه الطريقة غير مقبولة. نريد كلاما علميا موجزا يعطي خلاصات احصائية ومعلومات وارقاما نفترض انها متوفرة. كم عدد الاسرة المتوفرة للعناية الحثيثة وأجهز التنفس؟ كم نسبة الاشغال الراهنة؟ وكم سيتوفر منها لمرضى الكورونا وماذا تقول الاحصاءات عن نسبة الاصابات التي توصلنا الى عدم كفاية الاسرة؟ وفي اي مدى زمني وهل تقرر انشاء مستشفيات ميدان؟ وهل ستكون جاهزة في الوقت المناسب.؟!
كنا مع الرأي بعدم العودة الى الاغلاق حتى مع الموجة الثانية وكتبنا في مقال الاسبوع الفائت ان القضية اليوم هي التيقن من كفاية البنية الصحية لاحتمال التوسع بالاصابات التي قد تفيض خلال اسبوعين عن سعة الأسرة في المستشفيات. وحتى الآن نحصل على تطمينات غير مقنعة ما دامت تفتقر الى الأرقام والجداول الاحصائية العلمية. والآن حين تصل الاصابات المحققة عبر الفحوصات الى اربعة آلاف في يوم واحد فمخاوفنا قد تصبح واقعا ولا نجرؤ على استبعاد خيار الاغلاق وبالفعل ترتفع الأصوات مجددا تدعو للاغلاق لكبح جماح المرض والأمر يتعلق على وجه الدقة باستيعاب المستشفيات واسرة العناية الحثيثة واجهزة التنفس. والمسؤولون يحتاجون لتقديم المعطيات التي تفسر القرار أيا كان وفي اي وقت.