سبق لي أن أشرت في عدة مقالات سابقة إلى انه يجب علينا كمعارضين عرب لسياسة الهيمنة الامريكية-الإسرائيلية، على المنطقة، ان نشكر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الخدمات الكبيرة والتي لا تقدر بثمن التي قدمها للقضية الفلسطينية منذ انتخابه رئيساً للولايات المتحدة
الامريكية، حيث فضح في اقل من اربع سنوات حقيقة انظمة عربية مفرطة بالقضية الفلسطبنية كان فضحها في ظل ازمة حركة التحرر العربية بحاجة إلى عشرات السنين من الصراع الفكري والسياسي الضاري.
واليوم لا يسعنا إلا ان نشكر الرئيس الفرنسي العنصري والوقح ايمانوبل ماكرون الذي قرر ان يشن حرباً صليبية ضد الإسلام وضد نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، فكانت النتيجة وبالاً عليه وعلى مكانة فرنسا في العالمين العربي والإسلامي وايضاً على مستقبله السياسي الذي بات في مهب الريح، لا سيما بعد ان تحولت الاحتجاجات على إهانات ماكرون لنبي الإسلام ولمشاعر المسلمين إلى بداية صحوة عربية-إسلامية.
ولكي افصل اكثر فقد اعتقد ماكرون والطبقة السياسية الفرنسية ان الجماهير العربية والإسلامية تعيش في سبات عميق وبأنها باتت خائرة القوى ومسلوبة الإرادة بفعل تعاقب سنوات طويلة من قمع الانظمة وإهانات الغرب للعرب ولمشاعرهم الدينية والقومية، ولذلك فإن الوقت بات ملائماً للإنقضاض عليها وإخراجها من التاريخ نهائباً.
بكلمات اخرى فقد اراد ماكرون من خلال تأجيج ظاهرة الخوف من الإسلام،"الأسلاموفوببا"، تحقيق هدفين مزدوجين، الأول: تمكين الرأسمالية الفرنسية المتوحشة من حرف الصراع الطبقي في البلاد عن مساره وتوجيهه ضد مسلمي فرنسا والخارج بدل ان يوجه ضد اسس سيطرة النظام الرأسمالي،والثاني:تمكين ماكرون من تحسين شعبيتة في أوساط الفرنسيين لكي يتسنى له الفوز في الإنتخابات الرئاسية القادمة.
ولكن ما لم يأخذه ماكرون وزوجته ومستشارته بريجيت وجوقة ومستشاريه الصهاينة، بعين الاعتبار، ان أصرارهم على توجيه الإهانة إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالتزامن مع سوق ترامب للعديد من الانظمة العربية لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل قد ادخلهم هذه المرة في مواجهة مباشرة مع الجماهير العربية والإسلامية التي بدأت بمبادرة منها بتطبيق شعار مقاطعة المنتوجات والبضائع الفرنسية، مما سيدخل ماكرون وزمرته في حال استمرار تطبيق المقاطعة في صراع مع اصحاب الشركات والمصانع الفرنسية الذين ستتضرر مصالحهم كثيرا، لكون اسواق البلدان العربية والإسلامية تعتبر مصدر ربح وفير لهم..
وهذا ما يفسره البيان الذي اصدرته الخارجية الفرنسية امس الاول ودعت فيه الدول العربية والإسلامية الى وقف دعوات مقاطعة البضائع الفرنسية.
وقد لاحظ المراقبون السياسيون بان بيان الخارجية الفرنسية قد اتسم بالتودد للعرب والمسلمين مؤكدا على ً ان مسلمي فرنسا هم من النسيج الفرنسي.
وهذا التراجع الفرنسي التكتيكي يتطلب ليس تقديم تنازلات لفرنسا على الطريقة العربية بقدر ما يتطلب تصعيد النضال ضد عدوان ماكرون على مشاعر 1,8 مليار مسلم، حتى يعتذر الأخير عن اقواله كخطوة لا بد منها لاعتذار فرنسا عن الجرائم التي ارتكبتها ضد العرب في الجزائر وتونس وسوريا ولبنان وليبيا عام ٢٠١١ ايضاً والتي قتل فيها ملايين الابرياء، ويصنفها القانون الدولي بانها جرائم ضد الإنسانية كان يحب سوق المتهمين بها إلى المحاكم الدولية وبما انهم اموات إجبار حكام دولهم الحاليين على الاعتذار وايضا على دفع تعويضات بمئات مليارات
اليوروات للدول التي ينتمون إليها.
وليشكر حكام فرنسا الله على ان خسائرهم من الهجوم على نبي الإسلام ومن سلسلة الإهانات التي وجهوها للعرب والمسلمين قد اقتصرت على هذا النحو، فإذلال الدول المنتصرة في الحرب العالمية الآولى لألمانيا المهزومة في تلك الحرب من خلال" معاهدة فرساي" المذلة التي فرضها المنتصرون في الحرب العالمية الثانية على المانيا عام 1919 مكبلة تسلحها وفارضة عليها دفع اتاوات للمنتصرين وغير ذلك من الشروط المذلة دفع بألشعب الألماني لانتخاب هتلر مستشارا لالمانيا عام ١٩٣٣ وإندلاع الحرب العالمية الثانية التي ازهقت ارواح 60 مليون إنسان من ضمنهم مئات الآف ألفرنسيين.
ختاماً نجد لزاماً علبنا ان نشكر ماكرون بعد ترامب لأن سياستهما العنصرية والاستعلائبة إزاء العرب والمسلمين قد تؤدي إلى صحوة أمة بأكملها من سبات عميق وطويل كانت تغط به.