هل يحتمل نظامنا الصحي آلاف الإصابات جراء عدم الالتزام؟ وهل يحتمل المجتمع، بقيمه وأخلاقياته، مئات الوفيات بكورونا؟
هذان سؤالان مهمان ومفصليان، ويبرزان في لحظة حساسة يواجه فيها القطاع الصحي، في شقه العام، تحدياً كبيراً واستثنائياً، لا مجال لإنكاره أو التعامي عنه، وإذا مِلنا إلى الإنكار والتعامي وتسطيح المسألة، فنحن، حتماً، نعمّق الأزمة وتداعياتها.
الإجابة القاطعة على السؤالين أعلاه، هي كلا.. لن يحتمل، لن يستطيع استيعاب آلاف الإصابات اليومية، والحرجة منها خصوصاً.
حتى الدول المتقدمة، التي تتوافر على قدرات صحية كبيرة، عجزت عن استيعاب تفشي الكورونا فيها، وشاهدنا المئات يفترشون ساحات المستشفيات بعد أن امتلأت أسرّتها وغرف العناية الحثيثة بالمصابين.
ومجتمعنا، بأنماط تفكيره وقيمه وأخلاقياته وتكوينه النفسي، لن يحتمل أن لا يجد مصاب سريراً في مستشفى أو في غرفة عناية حثيثة وجهاز تنفس، فكيف يمكنه أن يستوعب موت المئات بالوباء جرّاء عدم كفاية التجهيزات والقدرات الصحية لعدد الحالات الحرجة؟.
الأردن ليس دولة غنية، وهذه مسألة لا يجب أن نغفلها، الأردن بلد يعاني صعوبات وأزمات مالية كبيرة، فلا مساعدات خارجية ذات قيمة، ولا نشاطاً اقتصادياً يرفد الخزينة بما يلزمها من أموال، كضرائب ورسوم وجمارك.
هذا أمر، من شأنه أن يفاقم الأزمة ويعمقها، ويحد من توفير القدرات الصحية اللازمة والكافية للتعامل مع آثار الوباء.. بل هو يفاقم مأزق الدولة كلها، في توفير المتطلبات المعيشية.
فنحن، ودون أي لحظة تأمل بالواقع، نطالب الدولة بقدرات صحية وبتأمين قدرات اقتصادية ومالية للإنفاق العام.. كيف نؤمّن كل ذلك؟، طبعا، لا أحد يجيب، أو بدقة؛ لا أحد معنيٌّ بالإجابة.
الوقوف أمام هذه الحقائق، إن وقفنا أمامها كمجتمع أصلاً، كفيل بأن نعيد التفكير، مرة أخرى، في طريقة تفاعلنا مع الجائحة وتأثيراتها.. كفيل بأن نقيّم، ومن ثم نقدّر إمكانيات الدولة، وهي تحاول بكل الطرق تجنب المأزق الاجتماعي الذي قد يتداعى جراء انهيار القطاع الصحي، لا قدر الله.
نعم، الدولة تجاهد لتجنب السيناريو الأسوأ، لأنها، ببساطة شديدة، تعي تبعاته واستحقاقاته، وتتحسب لذلك بكل طاقة وقدرة ممكنة، وتحاول أن تنأى بالبلد والناس عنها.. تحاول وهي تعلم أن لكل طاقة حدوداً ليس بيسير تخطيها، لكن لا خيار أمامها إلاّ المضي في المحاولة.
بعد كل ذلك، نطرح سؤالاً جاداً.. هل يمكن عكس هذا المسار، وجعله أقل خطورة لتجنب الأسوأ..؟
الإجابة، بكل تأكيد، نعم، يمكن عكس المسار، ولو جزئياً، بتسطيح المنحنى الوبائي.. المطلوب فقط التزام الجميع بإجراءات الوقاية، بصرامة وبلا تراخٍ أو استعلاء، وبلا إهمال أو تقليل لمستوى الخطر.
ومن المهم، جدأ، أن ندرك ونعي أن التزامنا، بالكمامة والتباعد والتعقيم، يمنع تداعياً اقتصادياً نشكو منه، ويمكّن الدولة من أن توازن بين المتطلبات الصحية والحاجات الاقتصادية..
الحل بالالتزام، وهو الذي مكن الصين من تجاوز الأزمتين الصحية والاقتصادية.. فهل نلتزم لننجو؟