«أدركت المجتمعات الحديثة المتطورة وتلك الآخذة في التطور أن حُسن الصياغة وإدارة العملية التشريعية هما جزءان أساسيان من مكونات الإدارة الرشيدة، لما لها من آثار بالغة الأهمية على المجتمع في كل ظروفه أو مستوياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما أنها ركنٌ جوهري لا غنى عنه للارتقاء بالدولة والنهوض بها بوصفها واحدة من مكونات الدولة الحديثة وأبرز معالم نهضتها وتطورها وفق المعايير الدولية، فمن خلال الصياغة الجيدة للتشريعات تتمكن الدولة من تحسين نظامها القانوني، وتنقيته من الشوائب والعيوب التي تؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي بها».
استوقفتني هذه العبارات للأستاذ الدكتور خالد جمال، ونحن نتطلع مجددًا في الأردن لحكومة قادمة ننتظر الانتهاء من تشكيل معالمها الأساسية، ونرجو أن تنطوي جعبتها على رؤية واضحة في المجالات كافة، وبالأخص في المجال التشريعي الذي تلعب فيه السلطة التنفيذية دورا محوريا سواء اتفقنا مع هذه الصلاحيات أم اختلفنا، فالحقيقة الثابتة أن الغالبية العظمى من التشريعات أردنيا تأتي من رحم الحكومة، وهو نهج عام في العديد من الديمقراطيات الحديثة، إذ تُشير الدراسات البريطانية مؤخرا إلى ضمور الدور التشريعي للبرلمان الإنجليزي، حيث غدت 90 % من القوانين البريطانية بناء على مشروعات قوانين حكومية، وكذلك الحال في الجمهورية الفرنسية، حيث أشارت إحدى الدراسات المُحكمة إلى أن نسبة القوانين الصادرة بموجب مُبادراتٍ من الجمعية الوطنية في ظل دستور 1958 تساوي ما نسبته خُمس تلك القوانين الصادرة بناءً على مُبادرات حكومية.
ما نفتقده في الأردن في سياق تطوير العملية التشريعية لتمسي أداةً للإصلاح والتطوير ومعولًا للبناء والتقدم، هو سياسة تشريعية واضحة الرؤى وواسعة الأفق في الوقت ذاته، ما نفتقده فلسفة تحكم عملية التشريع ابتداء من اتخاذ القرار بأن قضية ما تحتاج إلى تقنين أو تعديل أو مراجعة، ومرورا بتحديد الأولويات ودراسة الجدوى الاقتصادية والاجتماعية للتشريع، وصولًا إلى مرحلة ولادة القانون بتحويل هذه الأفكار والمراحل إلى نصوصٍ قانونية تتسم بالوضوح والمفهومية والبلوغية في تجسيد الحق في إطار نص قانوني، وهي الاشتراطات المعيارية الأساسية للصياغة التشريعية التي أطرها المجلس الدستوري الفرنسي ابتداءً منذ العام 2006.
ما يتوجب أن تسعى له أي حكومة قادمة هو تطوير تشريعات ترزح لحُكم الدستور فلا تخالفه أو تنتقص من حقوق الأفراد وحرياتهم تحت غطاء تنظيم الحق، وأن يوازن التشريع بين حقوق الأفراد وحرياتهم وبين المصلحة العامة، وبين مكامن السلطة ومضامين الحرية، فلا تطغى إحداها على الأخرى، فيكون الوصول إلى قانون معبر بحق عن إرادة الأمة.
أما تغيير التشريعات الذي يأتي لسد ثغرة طارئة أو وضع حل لمشكلة مجتمعية تنبع في الكثير من الأحيان من وجود انطباعات دون الاستناد إلى حقائق علمية، وما ينتج عن ذلك من إنتاج تشريعات كثيرة تثقل كاهل الدولة القانوني، وتضعف فئة في المجتمع لصالح فئة أخرى، أو يكون الهدف منها فقط توسيع نطاق الملاحقة الجزائية في بعض القضايا أو بسبب ممارسة بعض الحقوق أو تلك التي تأتي لغايات منح السلطات صلاحيات تقديرية تفتقر للضوابط اللازمة أو التي يكون هدفها الوحيد وضع نصوص عامة فضفاضة..، هو تغيير تشريعي لن يؤدي إلا إلى مزيد من إضعاف دولة القانون والحق وبالنتيجة إضعاف مبدأ سيادة القانون.
استوقفتني هذه العبارات للأستاذ الدكتور خالد جمال، ونحن نتطلع مجددًا في الأردن لحكومة قادمة ننتظر الانتهاء من تشكيل معالمها الأساسية، ونرجو أن تنطوي جعبتها على رؤية واضحة في المجالات كافة، وبالأخص في المجال التشريعي الذي تلعب فيه السلطة التنفيذية دورا محوريا سواء اتفقنا مع هذه الصلاحيات أم اختلفنا، فالحقيقة الثابتة أن الغالبية العظمى من التشريعات أردنيا تأتي من رحم الحكومة، وهو نهج عام في العديد من الديمقراطيات الحديثة، إذ تُشير الدراسات البريطانية مؤخرا إلى ضمور الدور التشريعي للبرلمان الإنجليزي، حيث غدت 90 % من القوانين البريطانية بناء على مشروعات قوانين حكومية، وكذلك الحال في الجمهورية الفرنسية، حيث أشارت إحدى الدراسات المُحكمة إلى أن نسبة القوانين الصادرة بموجب مُبادراتٍ من الجمعية الوطنية في ظل دستور 1958 تساوي ما نسبته خُمس تلك القوانين الصادرة بناءً على مُبادرات حكومية.
ما نفتقده في الأردن في سياق تطوير العملية التشريعية لتمسي أداةً للإصلاح والتطوير ومعولًا للبناء والتقدم، هو سياسة تشريعية واضحة الرؤى وواسعة الأفق في الوقت ذاته، ما نفتقده فلسفة تحكم عملية التشريع ابتداء من اتخاذ القرار بأن قضية ما تحتاج إلى تقنين أو تعديل أو مراجعة، ومرورا بتحديد الأولويات ودراسة الجدوى الاقتصادية والاجتماعية للتشريع، وصولًا إلى مرحلة ولادة القانون بتحويل هذه الأفكار والمراحل إلى نصوصٍ قانونية تتسم بالوضوح والمفهومية والبلوغية في تجسيد الحق في إطار نص قانوني، وهي الاشتراطات المعيارية الأساسية للصياغة التشريعية التي أطرها المجلس الدستوري الفرنسي ابتداءً منذ العام 2006.
ما يتوجب أن تسعى له أي حكومة قادمة هو تطوير تشريعات ترزح لحُكم الدستور فلا تخالفه أو تنتقص من حقوق الأفراد وحرياتهم تحت غطاء تنظيم الحق، وأن يوازن التشريع بين حقوق الأفراد وحرياتهم وبين المصلحة العامة، وبين مكامن السلطة ومضامين الحرية، فلا تطغى إحداها على الأخرى، فيكون الوصول إلى قانون معبر بحق عن إرادة الأمة.
أما تغيير التشريعات الذي يأتي لسد ثغرة طارئة أو وضع حل لمشكلة مجتمعية تنبع في الكثير من الأحيان من وجود انطباعات دون الاستناد إلى حقائق علمية، وما ينتج عن ذلك من إنتاج تشريعات كثيرة تثقل كاهل الدولة القانوني، وتضعف فئة في المجتمع لصالح فئة أخرى، أو يكون الهدف منها فقط توسيع نطاق الملاحقة الجزائية في بعض القضايا أو بسبب ممارسة بعض الحقوق أو تلك التي تأتي لغايات منح السلطات صلاحيات تقديرية تفتقر للضوابط اللازمة أو التي يكون هدفها الوحيد وضع نصوص عامة فضفاضة..، هو تغيير تشريعي لن يؤدي إلا إلى مزيد من إضعاف دولة القانون والحق وبالنتيجة إضعاف مبدأ سيادة القانون.