اخبار البلد ـ لقد قيل الكثير في وصف الليبرالي والراديكالي في فترة الحرب الباردة والصراع بين الشرق والغرب ومن ذلك وصف لينين له أنه أسوأ عدو للراديكاليين الجدد. ووصفه هاري س. أشمور (1916 – 1998) الليبرالي أنه يبدو كرديكالي في نظر المحافظين، ومضادا للثورة في نظر الراديكاليين، وخارجا عن الصف في نظر النشطاء من جميع القناعات.
أما هيوود براون (1888 – 1939) فيقول: «إن الليبرالي امرؤ يغادر الغرفة عندما يبدأ القتال»، أو هو الشخص غير المهددة مصالحه في الوقت الراهن في نظر وليس بليير.
أما جي. كي. شيسترمان (1874 – 1936) فيقول: إنني أؤمن بالليبرالية، غير أنني أجد صعوبة في الإيمان بالليبراليين.
وفي وصف الراديكالي يقول مارك توين: الراديكالي هو المحافظ في القرن التالي. والراديكالي يخترع وجهات النظر، وعندما تبلى يلبسها (يتبناها) المحافظون.
أما ايرك هوفر (1898 – 1983) فيرى ان الراديكالي هو في الحقيقة محافظ، لأنه يخاف التخلص من الأفكار والمعتقدات التي التقطها في شبابه، خشية أن تصبح حياته فارغة وهدرا.
أما هنري ويكر بيلنج (1818 – 1885) فيقول: إذا كان المرء على صواب فإنه يمكن أن يكون راديكاليا متطرفا. وإذا كان مخطئا فإنه لا يمكن أن يكون محافظا.
وأخيرا، فإن الراديكالي هو الشخص الذي لا تعرف شماله ما تصنع يمينه حسب مفكر آخر.
والليبرالي حسب عالم الاجتماع الكبير في تلك الفترة، جوردون ألبورت هو الشخص الناقد للوضع الراهن، المطالب بالتغيير الاجتماعي التقدمي، وليس بالعنف، إنه يخشى الفردية الخشنة، ولا يهمه النجاح في البزنس، إنه يميل إلى خروج الحكومة من النشاط الاقتصادي لصالح العمل. كما أنه يتخذ موقفا تفاؤليا من الطبيعة الإنسانية، وأنه يمكن جعلها أفضل. والليبرالي سموح أو سامح وليس متعصبا، لكن الليبرالي اليوم وبعد انتهاء الحرب الباردة فهو بالإضافة إلى ما ذكر، يطالب بالخصخصة، وخروج الحكومة الشامل من النشاط الاقتصادي وتركه للقطاع الخاص. كما أنه يؤمن بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
أما الراديكالي فهو ليبرالي متطرف ولكن توجد فروق نوعية كما يقول ألبورت: بين الليبرالي والراديكالي المتطرف أو الشيوعي [في ذلك الزمان] الذي يرفض البنية الاجتماعية القائمة جملة وتفصيلا أي أنه ضد بنية المجتمع ككل ويرغب في قلبها وتغييرها بالكامل بالعنف.
إن كراهية الراديكالي المتطرف للنظام القائم أكثر مركزية من رغبته في تحسين ظروف الأقليات. وعليه يوجد فرق كبير بين الراديكالي والراديكالي المتطرف، فالأول ليبرالي متطرف، والآخر ثوري أو عنفي، ويبدو أن المسلم المتطرف (الإرهابي) اليوم حل محل الشيوعي (المتطرف) في الأمس بعد هزيمة الشيوعية وانهيار احزابها الكبرى.
إن ذلك يعني أن الليبرالي يقبل بالإصلاح، ويعمل على إزالة الفقر والمرض والجهل التي يعاني منها الفرد وبخاصة في إثنية أو أقلية ما في المجتمع. إن هدفه هو الإصلاح، ولكنه يطالب بالإسراع فيه.
أما الراديكالي وبخاصة المتطرف فشخص يقوم وجوده على السلبية (Negativity) المشحونة بالكراهية كما يقول ألبورت. إنه يسعى لإحداث انقلاب في المجتمع دون أي خوف أو قلق من النتائج والتداعيات.
ولأن الليبراليين والراديكاليين متشابهون في التسامح الإثني، إلا أن هذا التشابه يوفر للمحافظين فرصة لإتهام الطرفين بالتطرف دون تفريق. وقد كانوا يصفون الطرفين – مغالطة– بالشيوعيين وأحيانا بالفوضويين، وكما هو حاصل الآن على يد ترامب الرئيس الأميركي الدجّال.
وبوصفه لهم كذلك فإنه يلبي رغبات المحافظين واليمين المتطرف في الحزب الجمهوري والكنيسة الإنجيلية والمجتمع.
والسؤال أي الناس أفضل تسامحا أو سماحة الأعلى تعلما أم الأقل؟
بينت البحوث في تلك الفترة أنه كلما ارتفع مستوى التعليم عند المرء فإن شعوره بالقلق وعدم الأمن من الآخر المختلف يخفان، ربما لاعتقاده أن رفاهية جماعة أو فئة أو أثنية أو اقلية مرتبطة برفاهية الجميع. ولكن الأبحاث الحديثة اليوم وبعد انتشار التعصب الديني والمذهبي في العالم تفيد العكس، وأن التعصب يشتد طرديا مع ارتفاع مستوى التعليم، وهو ما بينته إحدى الدراسات في الأردن.
وهنا يجب أن نميز بين الاتجاه أو الموقف، والعقيدة، فالاتجاه أقل علاقة بمستوى التعليم أي أنه أكثر ثباتا ويختلف باختلاف مستوى تعليم الولدين أيضا. أما العقيدة فتنشأ في الأسرة وقد تتعزز في المدرسة والجامعة والإعلام مما يحولها إلى هوية راسخة.
إن تعلّم السماحة واكتسابها في الأسرة والمدرسة يجعلها ترسخ عند الأطفال وتبقى وتنتقل من جيل إلى جيل، لقد تبين أن طلبة الجامعات الذين تعرضوا إلى ثقافات أخرى صاروا أكثر تسامحا من غيرهم. كما يؤدي التنوع الثقافي في المجتمع – عادة- إلى نشوء التسامح وأحيانا إلى السماحة.