اخبار البلد ـ قبل خمسة شهور تقريبًا قرر البنك المركزي الأردني وقف توزيع الأرباح على المساهمين والأفراد بحجة ان هذا توجه معظم البنوك المركزية لاتاحة المزيد من السيولة بيد البنوك التجارية داخل السوق والسؤال المهم هل هذا القرار صائب مع احترامنا الكبير للبنك المركزي ودوره المهم في دعم الاقتصاد الوطني. ويمكنني هنا قراءة المشهد على النحو التالي:
اولا": الانكماش الاقتصادي سيكون الاصعب في الاردن خلال هذا العام والعام المقبل ( سالب 3.5%) حسب تقديرات البنك الدولي واتوقع شخصيا ان يكون الانكماش نهاية هذا العام (سالب 5) وهو الأقسى على الاقتصاد الوطني ، وهذا يعني تراجع الطلب على السلع والخدمات وبمعنى اخر سيزداد الفقير فقرًا وستنتهي الطبقة الوسطى التي أصبحت تنحدر نحو الطبقة الفقيرة ، وبالتالي سنرى مزيدا من المتعطلين ونتوقع ان تصل البطالة الى 30% والفقر لما يزيد عن 23% ، وسنرى أيضا المزيد من المتعثرين الذين لا حول لهم ولا قوة ، وهذه كلها مؤشرات خطيرة وصعبة لا يستطيع المواطن الأردني تحملها في ظل سياسات اقتصادية ضعيفة من قبل الحكومة.
ثانيا" : حجم السيولة داخل السوق قد يكون مضللا فعندما نتحدث عن حجم سيولة لدى البنوك التجارية (34) مليار دينار نتناسى جميعًا ان معظم هذه الأموال ذهبت لإقراض الحكومة وليس الأفراد وبالتالي استفادت الحكومة من هذه الأموال لسد احتياجاتها على حساب المواطن والقطاعات الاقتصادية التي هي بأمس الحاجة للسيولة اليوم ولكن لا حياة لمن تنادي.
ثالثًا":ان قرار عدم توزيع الأرباح من قبل البنك المركزي افقد الشركات المساهمة العامة صلاحياتها وانتقص من ولاية الهيئات العامة وحقها في توزيع الأرباح ، والسؤال المهم هل يجوز ذلك قانونيا".
رابعًا": لقد كان هذا القرار مجحفًا بحق الاقتصاد الوطني وبحق صغار المساهمين والأفراد ، فهم يعتمدون على هذه الأرباح الموزعة لتغطية مصاريفهم وسداد التزاماتهم امام البنوك فمن يعوضهم اليوم .
خامسا": ان قرار عدم توزيع الأرباح كان له اثر سلبي على السوق المالي فمعظم أسعار اسهم الشركات انخفض بشكل كبير وانخفضت القيمة السوقية الى 12 مليار دينار وهو ادنى مستوى وصل اليه السوق منذ عشرات السنين، وبالتالي قد اثر ذلك سلبا على المستثمرين الأجانب وجعلهم يفكرون جديًا ببيع أسهمهم والبحث عن أسواق أخرى.
سادسا": ليس منطقيا" ان يدفع صغار المساهمين والأفراد ثمن الركود والانكماش الاقتصادي ، فهل يعقل ان تدفع الشركات المساهمة العامة ضرائبها للحكومة دون تأجيل وتؤجل دفعها الأرباح للأفراد والمساهمين ، وأيهما أولى ان نترك هذه الأموال الواجب توزيعها بيد البنوك ام بيد الأفراد لإنفاقها وإعادة استثمارها في اسهم إضافية داخل السوق.
سابعا:الأصل في اتاحة سيولة كافية للبنوك هو مزيد من الإقراض ومزيد من التسهيلات للمقترضين وهذا لم نلمسه اطلاقا، فالتشدد هو نهج البنوك من اليوم الأول للجائحة.
ليس معيبا ان يقوم البنك المركزي بإعادة النظر بقراره ويفرج عن هذه الأموال اكثر من نصف مليار دينار لصالح الاقتصاد الوطني وصالح صغار المساهمين والأفراد.