بعد ساعات قليلة على تكليفه تشكيل الحكومة فاجأ رئيس الوزراء عون الخصاونة الاوساط السياسية بالاعلان عن رغبته تعديل المادة 74 من الدستور التي تحرم رئيس الحكومة التي تستقيل بعد حل البرلمان من تشكيل الحكومة التالية. تصريحات الخصاونة المبكرة بهذا الموضوع جلبت له غضب النواب وعتبهم كونها جاءت قبل الحصول على ثقتهم ومن دون التشاور معهم, خاصة وان هذا التعديل جاء من النواب وليس من لجنة تعديل الدستور. كما اثار موقف الخصاونة استهجان قوى سياسية وحزبية تطالب بفتح الدستور لمزيد من التعديل وليس لأجل مصادرة ما تم انجازه في الوجبة الاولى.
الخصاونة على حق في سعيه لتعديل المادة 74 لان النص الذي اضافه النواب غير منطقي من الناحية السياسية ويخالف الاعراف الديمقراطية, لكن يستحيل في المناخ السياسي السائد التفكير باجراء تعديل انتقائي على الدستور بعد أقل من شهرين على اقرار التعديلات الدستورية, وتجاهل مطالب تيار عريض في البلاد يرى ان التعديلات المقرة غير كافية ويدعو الى وجبة ثانية من التعديلات تطال على وجه التحديد المادة 35 والمتعلقة بصلاحيات الملك في تشكيل الحكومات. فكيف يستطيع الخصاونة إذاً تحقيق رغبته بتعديل المادة 74 ليضمن لحكومته الاستمرار بعد حل البرلمان والاشراف على الانتخابات المبكرة كما يطمح?
لنطرح السؤال بطريقة ثانية : ماذا لو تقدمت الحكومة بطلب تعديل للمادتين 74 و35 معا, أليس في ذلك استجابة لدعوات تيار نيابي وسياسي واسع?
في خطاب افتتاح الدورة البرلمانية اعلن الملك انه واعتبارا من المجلس النيابي المقبل سيتم تشكيل الحكومات بالتشاور مع النواب واختيار رئيس الوزراء عبر هذه الآلية. معنى ذلك ان الملك وافق من الناحية السياسية على تعديل المادة 35 بإضافة بند ينص على التزام الملك بالتشاور قبل اختيار الرئيس المكلف. فما الذي يمنع من تحويل هذا الالتزام السياسي الى نص دستوري?
وجود نص واضح في الدستور حول الية التشاور يسقط بشكل اوتوماتيكي التعديل الذي اضافة النواب على المادة .74 ويصبح حرمان الرئيس المستقيل من اعادة تشكيل حكومة جديدة أمراً غير منطقي.
لاتستطيع الحكومة ان تأخذ ما تريد من النواب وفي أي وقت تشاء من دون ان تقدم لهم شيئا, فقد نفد صبر النواب من فرط ما قدموا من تسهيلات للحكومات لم ينالوا مقابلها غير سخط الشارع وتغول الحكومات عليهم, وهم الان في مواجهة لحظة الحقيقة وقد ينفجر غضبهم في وجه الخصاونة وحكومته.
اما الحركة السياسية والشعبية فإنها هذه المرة لن تسمح للحكومة بفتح الدستور من دون ان تأخذ مطالبها في عين الاعتبار.
المادتان معا او ان يتنازل الخصاونه عن طموحه بحكومة ثانية.