وللتذكیر، لا بد من استعراض مكونات النصر للدولة الأردنیة على الوباء المستجد، الذي دمر اقتصادیات العالم
وبنیتھا التحتیة، حیث قاد جلالة الملك شخصیاً مراحل الحرب، وكان ھناك تعاون من معظم القطاعات المعنیة؛
القوات المسلحة الأردنیة- الجیش العربي، الأجھزة الأمنیة، الجیش الأبیض في المیدان، وتضحیات الأفراد
والمؤسسات، وقد رافقھ تقصیر واضح بأداء مجلس النواب، بل اختفاء مبرمج وصادم ولكنھ متوقع وغیر
مستغرب، واقع یلزمنا التدقیق بالبرامج الإنتخابیة للقوائم لأنھا في الغالب صورة متكررة المحتوى بلغة متجددة،
ستنشط لھا وسائل الدعایة والتواصل الاجتماعي وھي تفتقر لدرجات الانسجام والحرص الوطني بظروف الواقع
والامكانات، حتى لا نساھم بعفویتنا بزیادة المسافة بین الوعود والواقع، ونسمح بتلحفھا بثوب الأمل المقرون
بدرجات الایمان والولاء للوطن، وبعض من التوقعات بمفاجآت تشكل مسرحا لتبادل الاتھامات بین أفراد القائمة
وربما ذلك علامة مھمة لضعف الأداء وانعدام اساسیات الثقة الذي سینعكس على ضعف الأداء بشكل متوقع لن
یسجل مفاجأة، وحتى تكون الأمور مبسطة على قدر معرفتي بقانون الانتحاب النافذ، أتساءل بلغة غیر بریئة: ھل
أفراد القائمة وأي كانت یتوقعون الفوز المطلق بمقاعد الدائرة المخصصة؟ إذا كان الجواب بشقھ الایجابي فالأمر
یحتاج لمراجعة سریعة وعصف ذھني یغیر من اتجاھات فكریة، وربما یتعدى ذلك لمراجعة شروط المرشح التي
تفرز عبقریة كمقاصة للوعود التي أمطر بھا دائرتھ الانتخابیة، ولكنني أجزم بحذر أن الجمیع یدرك كما ھو معلن
بشروط الترشح والانتخاب للفوز بوجود معادلة حسابیة لنسبیة أصوات القوائم ضمن مساحة الدائرة الانتخابیة
والتي تمنحھا عددا لن یتجاوز بمعظمھ عن مقعد نیابي واحد، تحلیل واقعي منطقي ونتیجة حقیقیة للتجربة السابقة،
یفرض ارتداء ثوب الواقعیة للدعایة الانتخابیة وھي أسیرة لمحاور یصعب القفز عنھا أو تجاوزھا، فالتفاھمات
الورقیة وشبھ الفكریة والبرامجیة لن تتمكن من القفز عن حاجز المصلحة الذاتیة لأي مرشح بحدود قائمتھ، بعیدا
.عن الخلفیات السیاسیة أو الاعتقادات
بصدور الإرادة الملكیة التي حسمت أمر الانتخابات، فیقیني أن الاستعدادات الحكومیة والشعبیة للمشاركة بالعرس
الدیمقراطي في العاشر من تشرین الثاني القادم تترجم درجة الحرص على إنجاح ھذا المفصل الوطني وأحد
الأركان الأساسیة لبناء الدولة الحدیثة، تبشرنا وتدعونا للتفاؤل بقادم الأیام بالرغم من تحفظنا على ما ترشح الینا
من نیة نسبة لا باس بھم من المغادرین بعودة الترشح كما حملت الینا وسائل التواصل الاجتماعي، یعودون الیوم
بنفس الشعارات التي طرحوھا، یعزفون على لحن الوطنیة والانتماء، یُقْسمون بالاخلاص، وھم على درایة بأن
الثقة بأشخاصھم ووعودھم قد انشرخت والتھمتھا نیران الغضب، جدید یدفعنا للتوجھ لصنادیق الاقتراع للمشاركة
باختیار من نعتقد بأنھ قد یحمل ھموم الوطن وھمومنا بدرجة من الأمل التي تغلف واقعنا، فنحن ندرك بأن البرامج
الانتخابیة والشعارات التي یطرحھا الأشخاص وقوائمھم ستنتھي صلاحیتھا بلحظة إعلان نتائج الصنادیق، لیبدأ
فصل جدید من تبادل الاتھامات بین أفراد القائمة الواحدة، یقابلھ بنفس الدرجة من العتب واللوم بین أبناء العشیرة
الواحدة بسبب الاخفاق، وعلیھ، فإنني أتمنى أن یكون أساس اختیارنا لتاریخ الأشخاص وعطائھم حتى لا نجعل من
ركاب قطار البرلمان وسیلة مساعدة لأصحاب الشعارات أو قائمة من فشلوا بالمناسبات السابقة، فنحن الأساس
وأصحاب القرار وعلینا أن نتحمل مسؤولیة الاختیار بالشكل الصحیح، فالفرصة بتمثیل حقیقي نقررھا بحسن
الاختیار من القوائم والأشخاص الذین طرحوا أنفسھم، وممارستنا لحق التصویت تعكس درجة الحرص لأن
.القرارات والقوانین التي ستقرر فیما بعد تعنینا
فرصة التغیر نملكھا الیوم وسوف نترجمھا إن شاركنا بصدق وغیرة على مستقبل وطننا الذي منحنا مناعة الدفء
والسلم والأمان، فلنشارك بكثافة ووعي ودقة التصنیف حتى لا نرتدي ثوب الأمل بحل المجلس الجدید، فرصید
.العمر بتناقص ولا مجال للتمدید، وللحدیث بقیة
الانتخابات النيابية.. استحقاق دستوري يتطلب دقة الاختيار (3-3)
أخبار البلد - اخبار البلد-