يفصلنا أسابيع قليلة عن الثالث من تشرين الثاني ذلك اليوم الذي سيحدد فيه الناخب الأمريكي شخصية الرئيس إما بالتجديد للرئيس ترامب وإما بالتغيير بإيصال المرشح الديمقراطي بايدن .
إستطلاعات الرأي أثارت حفيظة وقلق الرئيس ترامب الذي فشل في إدارة ملفات عدة منها :
- ملف مواجهة وباء كورونا .
- معالجة الازمة الإقتصادية الناجمة عن تفشي وباء كورونا .
- السياسة الخارجية " موضوع إهتمامنا في هذاالمقال " .
ملف السياسة الخارجية :
ترامب وإدارته يسابقون الزمن في مسعى لإحراز إنجاز على صعيد ملف أو أكثر من الملفات الخارجية لاستخدامها ورقة رابحة علها تساعده في حملته الانتخابية ظانا أن ذاكرة الناخب الأمريكي ضعيفة ولن تتذكر إخفاقاته وعجزه عن تحقيق اي إختراق في اي من الملفات المهمة " وخاصة على صعيد القضية الفلسطينية " طوال مدة ولايته .
من المهم أن نشير إلى أهم الملفات بتقديري التي فشل في إدارتها والوصول إلى حلها أو الإتفاق على إنهاءها وفق جدول زمني على اقل تقدير متمثلة في :
• ملف التجارة والإقتصاد مع الصين .
• الملفين الكوري والإيراني .
• الملف الفلسطيني .
شهدت الملفات أعلاه تخبطا وإرباكا وجهلا بطبيعة ومزايا وخصائص كل ملف مما إنعكس سلبا على كفاءة وقدرة الرئيس ترامب بالتعامل بمهنية سياسية بإدارة فريقه الذي أخفق بسبب العنجهية تارة وبسبب الإنحياز الأمريكي الأعمى تارة أخرى وما مشروعه المسمى صفقة القرن المنحاز لنتنياهو ومعسكره العنصري المتطرف والمتناقض مع ميثاق الامم المتحدة ومع القانون الدولي والقانون الإنساني إلا نموذج ودليل على التخبط والإرباك والعنجهية التي ميزت ووسمت عهد الرئيس ترامب وإدارته التي أسفرت عن ضعف وتراجع النفوذ الأمريكي على الساحة العالمية لصالح وتصاعد نفوذ روسيا والصين التي طالما عمل على تحجيمهما .
هذا الفشل يقود إلى تساؤل مفاده هل بقي أمام الرئيس ترامب من وقت حتى الثالث من تشرين ثاني أي في الوقت الضائع إن صح التعبير يمكنه من تحقيق إنجاز أو إختراق ما يمكن إعتباره ذا أهمية إستراتيجية على أي من الملفات أعلاه وفق الآليات السياسية والدبلوماسية ؟
الجواب على ذلك بالتأكيد لا فالمتابع لتصريحات القيادة الأمريكية يخلص إلى أن قناعة الرئيس ترامب وإدارته بأن ذلك قد يكون ضربا من الخيال مما حدى بالرئيس ترامب وعلى سبيل المثال بتوجيه رسالة مباشرة إلى إيران بالعمل بسرعة على توقيع إتفاق جديد حال نجاحه بالانتخابات وهذا التصريح يحمل في طياته نوايا سلبية إتجاه دول الخليج العربي .
أما على صعيد الملف الفلسطيني الذي يمثل الملف الأهم بالنسبة للحملة الانتخابية للرئيس ترامب وذلك لاعتبارات عدة منها :
▪محاولة الإيحاء للراي العام الأمريكي بقدرته على حل الصراع العربي بعنوانه الفلسطيني الذي عجزت عنه إدارات سابقة .
▪ تحفيزا للقوى الصهيونية وحلفائها للتحرك بفعالية أكبر في دعم حملة ترامب الانتخابية لدورة رئاسية ثانية .
▪إزالة العقبة التي تحول دون الإعتراف العربي والإسلامي " بإسرائيل " وبالتالي تسريع عملية التطبيع العربي الإسرائيلي بما في ذلك إقامة علاقات دبلوماسية واسعة مع دول عربية .
▪تفريغ القرارات الدولية الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة وعن مجلس الأمن من مضمونها الضامنة لحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وحقه بالحرية والتحرر من نير الإستعمار الصهيوني وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وتمكين اللاجئين الفلسطينييت من العودة الى مدنهم وقراهم تنفيذا للقرارين الدوليين 181 و 194 ولكافة للقرارات الدولية ذات الصلة .
▪ التأسيس لامكانية نجاح مشروع فريقه بالإنقلاب على ميثاق الأمم المتحدة وعلى الشرعة الدولية وفرض مرجعية دولية جديدة مستندة إلى نتائج الحروب العدوانية العسكرية المحظورة في ميثاق الأمم المتحدة .
▪ إختراق الجبهة الدولية الرافضة لمشروع ترامب " صفقة القرن " وبالتالي فك العزلة الدولية للموقف الأمريكي الناشئ عن الدعم والإنحياز الأعمى لسياسة نتنياهو ومعسكره اليميني المتطرف القائمة على التوسع وإدامة الإحتلال ورفض تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة .
لهذا لم ينفك ترامب وإدارته من العمل على ممارسة ضغوطات مباشرة وغير مباشرة على القيادة الفلسطينية ورئيسها السيد محمود عباس رئيس دولة فلسطين " تحت الإحتلال " رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني للقبول بإستئناف العلاقات واللقاءات " المتوقفة منذ كانون اول عام 2017 " مع الإدارة الأمريكية إحتجاجا ورفضا لقرار ترامب الإعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني ونقل السفارة الأمريكية إليها خلافا للقانون الدولي وللقرارات والعهود والمواثيق والاتفاقيات الدولية سواء إتخذت بعدا ثنائيا أو ثلاثيا أو إقليميا تحت عنوان كسر الجمود والعودة إلى طاولة المفاوضات كما يسمونها ولكن دون تحديد جدول زمني يلزم دولة الإحتلال الصهيوني الاستعمارية بإنهاء إحتلالها وإستعمارها للأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عدوان حزيران عام 1967 .
الموقف الفلسطيني :
يتلخص الموقف الفلسطيني بحده الأدنى بالعمل على تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بدءا بتنفيذ الإستراتيجية الفلسطينية المدعومة والمتوافق عليها عالميا والتي عرضها الرئيس الفلسطيني ابو مازن أمام مجلس الأمن وأمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وفق جدول زمني قصير المدى .
فلم يعد ممكننا الإجتماع واللقاء لمجرد اللقاء وإنما التفاوض فقط على تنفيذ القرارات وليس على مضمونها فالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس حق مكفول تاريخيا ودوليا .
الموقف الأمريكي :
حان الوقت للرئيس ترامب أن يدرك أن فريقه الذي عهد إليه إدارة ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي قد خدعه وعمل لصالح نتنياهو ومعسكره بعيدا عن المصلحة الأمريكية وعن مصلحة الرئيس .
كما حان الوقت للرئيس ترامب أن يدرك أن الشعب الفلسطيني وقيادته تمثلان الرقم الصعب الذي لا يمكن تجاهله .
وإنني أدعو الرئيس ترامب لسحب مشروع نتنياهو الذي تبناه فريقه كمشروع أمريكي من حيث المبدأ والمبادرة إلى الدعوة لعقد مؤتمر دولي يبحث فقط في الإتفاق على جدول زمني ملزم لإنهاء الإحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس وفق القرارات الدولية عندئذ سيسجل التاريخ إسمه كقائد عمل على الإنتصار لحق الشعب الفلسطيني ولو جزئيا .
الموقف العربي :
يعاني الوطن العربي من الخلافات والنزاعات آلتي فتحت شهية قوى إقليمية ودولية للنيل منه وتهديد مصالحه ووحدة اراض أقطاره .
هذا الحال يتطلب إعادة الاعتبار للعمل الجمعي التوافقي وحيث أن القضية الفلسطينية التي تواجه تحديات خطيرة من القيادة الصهيونية المدعومة من إدارة ترامب و تشكل قاسما مشتركا يمكن البناء عليه وتطويره نحو تعزيز المصالح العربية ووضع حد للأطماع الخارجية . الموقف العربي الجمعي في مخاطبة الرئيس ترامب والتأكيد له على :
● دعم القيادة الفلسطينية ورمزها الرئيس محمود عباس ومطالبته بإحترام ميثاق الأمم المتحدة وإعتماد قراراتها كافة كمرجعية أساسل لانهاء الإحتلال واقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران وبدون الإخلال بمضمون وحقوق الشعب الفلسطيني المكفولة بالقرارات الدولية ذات الصلة .
● لا تطبيع ولا إعتراف بالكيان الصهيوني دون تنفيذ إلتزاماته وفق القانون الدولي والقرارات الدولية .
من شأن ذلك أن تؤسس لتعزيز الأمن والإستقرار العربي الجمعي وتشكل سورا واقيا أمام تيار صهيوني في إدارة ترامب همه ينحصر فقط في توظيف القوة الأمريكية في تنفيذ أهداف الحركة الصهيونية التوسعية .
الموقف الفلسطيني الأردني الموحد جنبا إلى جنب مع السعودية ومصر كفيل بردع مغامرات التيار المتصهين سواء نجح ترامب أو بايدن.....