ثمة مؤشرات یكاد لا یختلف علیھا اثنان بان الھیمنة الامیركیة على العالم في تراجع ملحوظ, لیس فقط في الفشل
الذریع الذي حصدتھ سیاسة الغزو وإشعال الحروب لإسقاط الانظمة وبناء الدیمقراطیة, على ما واصلت ارطانتھ
ّ إخفاق واشنطن «استغلال» تفر ّ دھا قیادة العالم بعد تفكك الاتحاد
ُ الإدارات الجمھوریة المتعاقِبة, وانما ایضاً
ُ السوفیاتي، بل فعلت العكس عبر بالترویج لانتصار الرأسمالیة بنسختھا النیولیبرالیة المتوحشة وإدارة ظھرھا
للقانون الدولي, ودوسھا شرعة حقوق الانسان كقیمة إنسانیة علیا وخصوصاً دعمھا غیر المحدود للانظمة
الاستبدادیة، ناھیك عن بروز قوى دولیة صاعدة كالصین والھند, إضافة بالطبع الى نجاح روسیا في استعادة
مكانتھا ودورھا في المشھد الدولي, رغم محاولات واشنطن تطویقھا واستفزازھا بنشر قوات اطلسیة على حدودھا
الغربیة، كذلك انسحابھا من طرف واحد من الاتفاقیات التي وقّعتھا في شأن الاسلحة الصاروخیة قصیرة ومتوسطة
المدى, والأھم إعلان إنسحابھا من اتفاقیة «ستارت» للحد من الاسلحة النوویة الاستراتیجیة التي ینتھي مفعولھا في
.العام 2021
كل ذلك أسھم في تراجع النفوذ الامیركي وبروز محاولات حثیثة لبلورة نظام دولي متعدد الرؤوس, وسط مقاومة
ُمعلنة من الادارات الامیركیة لھذه المساعي, ثم جاءت جائحة كورونا ومصرع الامیركي من أصول افریقیة
جورج فلوید, واندلاع المظاھرات العارمة في انحاء الولایات المتحدة بقیادة حركة..«حیاة السود مھمة», لتضيء
على حجم الانقسام والاستقطاب في البلاد وبخاصة الازدراء الذي قابل بھ ترمب ھذه الحركة واصطفاف
العنصریین البیض الى جانبھ, ما اثار المخاوف باحتمال اندلاع حرب أھلیة بدت نذرھا في المواجھات بین
.« ُ «الم َ عسكرْین
ّ فھل بالفعل نضجت عوامل تفك ِ ك امیركا الى..«أمیركیّتْین»؟
:«یقول ایلیا بارانیكاس في صحیفة «موسكوفسكي كومسولیتس
ُ في اقصى جناح السیاسة الامیركیة الیساري..«حیاة السود مھمة» ولیبرالیون متطرفون متعاطفون مع ھذه"
ِ ھا. وفي اقصى الیمین...أنصار ترمب وأتباع العنصریة والنازیة
الحركة، یُطالبون بإنھاء تمویل الشرطة أو حلّ
ُ الجدیدة ونظریات المؤامرة ومعاداة الدولة، وتُعتبر الحدود بینھا – یضیف – اراضي الولایات المتحدة...فَ ِّ تقسمھا
ُ الى «دولتین» متحدتین شكلیاً في دول واحدة, لكن لیس بینھما سوى القلیل من القواسم المشتركة..إحداھما –
ّصوت في أغلب الاحیان للحزب الدیمقراطي, والثانیة
یُواصل – «أمیركا الزرقاء» كما یُطلق على الولایات التي تُ
.««امیركا الحمراء»..إقطاعیة الجمھوریین
َ ثم یتساء ّ ل: ھل سیتمك َ ن بایدن من الحفاظ علیھما معاً إذا ما أصبح رئیساً؟ لكن السؤال الذي لا یقل أھمیة: ھل من
ُ الضروري محاولة القیام بذلك؟ لا یلبث ان یجیب على سؤالھ بالقول: أحیانا یكون الطلاق أفضل بكثیر لكلا
.الطرفین من العیش معاً
ّ أما ایلیا بولونسكي فیقول في صحیفة «فوینیھ أوبزرینیھ» حول المبدأ الذي سوف تتفك ِك وفقھ الولایات المتحدة إذا
كان لانھیارھا ان یَ ُ حدث».. على الرغم انھ لیس من الم ِ جدي تأكید خیار انھیار الولایات المتحدة, إلا انھ – یستطرد
– لا ینبغي استِبعاده اصلاً، وأما إذا حدث ذلك – یُ ِ واصل – فلن یكون مھندسوه قادة الشوارع الامیركیون من
.أصول افریقیة، انما النُخبة الامیركیة نفسھا, التي ترفض تعزیز سلطة ترمب» انتھى الاقتباس
ِ ھل یستبعدن أحد ذلك؟
َمن كان یَتوقّ ّ ع ھذا التفك ُ ك «الم ّدوي»..للإتحاد السوفیاتي؟
ِ تنھار.. الإمبراطوریّات؟
بل كیف إذ
هل الولايات المتحدة مُهدّدة بـ«الانهيار».. حقاً؟
أخبار البلد - اخبار البلد-