لأول مرة منذ بدء جائحة كورونا في أوروبا، يجتمع قادة الاتحاد الأوروبي الـ27 في بروكسل وجها لوجه بعد أن كانت اجتماعاتهم بسبب تدابير الحجر تتم بواسطة تقنية الفيديو « عن بعد «.
هذا الاجتماع يعني تماما أن الاتحاد الأوروبي استشعر خطورة ما أحدثته جائحة كورونا من مصائب في جميع الاتجاهات، ليس فقط على الصعيد الصحي بل وعلى الصعيد الاقتصادي والسياسي، حيث بات الاتحاد الأوروبي الذي يعد ثاني أكبر قوة اقتصادية ( كاتحاد ) في العالم بعد الولايات المتحدة، مهدَّدًا بالانهيار والتفكك خاصة في بدايات الأزمة التي رفعت كل دولة فيها شعار « بلدي أولاً « فتركت ايطاليا وكذلك اسبانيا، وغيرهما، تدبّر أمرها بنفسها حتى وصلت الى ما وصلت اليه، الأمر الذي ترك علامات استفهام كثيرة حول مستقبل الاتحاد الأوروبي.
بالامس اجتمع القادة الأوربيون لمناقشة الجائحة قبل وصولها الى كارثة لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه .. وعلى طاولة المباحثات أرقام تقترب من الـ ( 2 تريليون ) يورو، فبالإضافة الى خطة الانعاش الاقتصادي بقيمة ( 750) مليار يورو، ( 500) مليار يورو منها منح ومساعدات، دون طلب إعادة تسديدها، وستستفيد منها بالتأكيد الدول الأكثر تضررًا، وفي مقدمتها ايطاليا واسبانيا، و( 250) مليار يورو قروض، بالإضافة الى خطة الإنعاش هذه هناك خطة موازنة الاتحاد الأوروبي للفترة من ( 2021-2027) والبالغة أكثر من تريليون يورو وتحديدًا ( 1074 مليار يورو ).
رغم الخلافات في وجهات النظر بين هذه الدول حول تفاصيل الخطة، لكن النقاشات الجادة والمتواصلة تؤكد جدية أوروبا بقيادة المانيا وفرنسا، بعد خروج بريطانيا، في «لملمة» ما أصاب الاتحاد من تصدعات بسبب كورونا في وقت «أجّجت» فيه الجائحة الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين، هما امريكا والصين في غياب الاتحاد الأوروبي.
مرحلة ما بعد كورونا سترسم عالمًا جديدًا، وستعيد رسم موازين القوى في كل شيء.. سياسيًا واقتصاديًا، وحتى صحيًا، وبمقاييس مختلفة، ولكن الخروج من الجائحة سيبقى محتاجًا لمزيد من السيولة وضخ الأموال لإنعاش الاقتصاد وحماية اقتصادات دول من الانهيار، واذا كانت أوروبا تناقش توفير مليار وأكثر لهذه الغاية، فان دولاً منها منفردة أنفقت ما يزيد على هذه المبالغ، يضاف الى ذلك ما أنفقته الصين، وكذلك الولايات المتحدة، وما سبق وأعلنته مجموعة العشرين من ضرورة توفير نحو ( 5 تريليونات ) لإنقاذ الاقتصاد العالمي من تبعات كورونا.. لذلك فإن كلفة الجائحة بين ما أنفق وما سينفق حتى نهاية العام الحالي يتراوح بين ( 8- 10 تريليونات دولار ) على أمل أن تعيد هذه التريليونات تنشيط الاقتصاد العالمي الذي يواجه أسوأ أزمة منذ الحرب العالمية الثانية.