بعد توشيح التعديلات الدستورية بالموافقة الملكية، بدأت الخطوات الأكثر أهمية في مسيرة الإصلاح في الأردن تأخذ شكلها القادم، وتحدد ملامح المرحلة المقبلة والتي سوف تعتمد على التوازن ما بين سرعة مؤسسات الدولة في إنجاز متطلبات الإصلاح وتسارع نشاط الحراك السياسي الشعبي والذي بدأ في الاسابيع الأخيرة بالذات يتجاوز السقوف التقليدية في الشعارات؛ ما يثير القلق على عدة مستويات.
الأيام والاسابيع القادمة حاسمة. جلالة الملك وضح في حديثه أمام المكتب الدائم لمجلسي الأعيان والنواب أن الانتخابات البلدية ستتم في كانون الأول الحالي، اي بعد اقل من 3 اشهر، ومن ثم الانتخابات النيابية المقبلة في النصف الثاني من العام 2012. هذه اشهر حافلة بالأحداث وتحتاج إلى مسؤوليات عالية في التعامل مها خاصة من قبل "العقل الإستراتيجي" للحكومة والتي يجب أن تضع في قمة أولوياتها حساب تكاليف اي قرار يتم اتخاذه أو عدم اتخاذه على استقرار الدولة وعدم السماح بأي أصوات وعقول حامية تحاول تأزيم المواقف تحت حجة إظهار هيبة الدولة؛ لأن الوضع لا يحتمل المغامرات.
الأشهر الثلاثة القادمة ستكون مثقلة بالجهود السياسية في مسارين أولهما مناقشة وإقرار قانون مقنع للانتخابات يحقق المتطلبات الرئيسة للإصلاح السياسي وبالحد الادنى من المناوشات والصراعات والتحريض الذي قد يرافق هذه العملية. والمسار الآخر هو التحضير للانتخابات البلدية والتي ستمثل أول تمرين انتخابي حقيقي في الأردن في فترة ما بعد الربيع العربي وهي انتخابات ستكون مختلفة تماما عن ما سبقها وقد تشهد الكثير من المفاجآت السارة والأخرى التي قد تزرع العنف والفوضى في بعض المواقع في هذا الوضع من السخونة السياسية والاجتماعية. وفي الواقع فإن البداية غير مشجعة نتجية العزوف الكبير عن المشاركة في التسجيل ونتيجة المطالبات المتكررة بإعادة فصل بعض البلديات التي تضررت الخدمات المقدمة من قبلها بعد قرار دمج البلديات.
خلال ذلك سيبقى السؤال اليومي مستمرا حول مصير الحكومة الحالية. هنالك مطالبات يومية من القوى الشعبية برحيل الحكومة وحل المجلس ولكن ماذا سيحدث في اليوم التالي لذلك؟ في حال قامت الحكومة بالتنسيب لجلالة الملك بحل المجلس ستحل نفسها أيضا وتتشكل حكومة جديدة قد تكون مسؤولة عن الانتخابات البلدية، وتستمر على الاقل حتى نهاية الانتخابات النيابية ايضا في حال حققت نجاحا في تنظيم "البلدية"، وفي حال فشلت سوف ينعكس ذلك على المطالبة بحكومة جديدة تشرف على الانتخابات النيابية إلى أن تتشكل حكومة الأغلبية البرلمانية العتيدة، والتي ستكون بحد ذاتها حكومة ذات طابع جديد ومختلف تماما عما سبق سواء إيجابا أو سلبا.
إذا هنالك سيناريو قد يكون جديا في وجود ثلاث حكومات في أقل من سنة، فهل هذا هو حقا المسار الحقيقي للإصلاح؟ وما هي كلفة ذلك على مسارات التنمية والنمو الاقتصادي وغيرها من الأعمال المستمرة والتي يجب ان تحظى بنوع من الاستقرار؟
الأسلم من الناحية السياسية أن تستمر الحكومة الحالية في تنظيم الانتخابات البلدية وربما بقدر معقول من الكفاءة وبعد ذلك ستبدأ مرحلة الانتخابات النيابية والتي تعني حل مجلس النواب وبالتالي استقالة الحكومة دستوريا. ولكن في حال تم اتخاذ قرار بتشكيل حكومة جديدة فإن هذا التغيير يجب أن يكون في غاية الحرص على الاستقرار حتى تتمكن الحكومة الجديدة من تنظيم الانتخابات البلدية والنيابية وتستمر لمدة سنة في مناخ مستقر تقريبا وغير خاضع للضغوطات والتحريض اليومي وهذا ما يتطلب اختيار رئيس حكومة يحظى بثقة القوى السياسية التقليدية والمستجدة وطاقم وزاري يستطيع التعامل مع كافة الملفات الصعبة على المستوى السياسي العام والمستوى الخاص بكل وزارة ولا مجال أبدا للتجريب هذه المرة؛ لان الكلفة ستكون عالية جدا.
batirw@yahoo.com
الأيام والاسابيع القادمة حاسمة. جلالة الملك وضح في حديثه أمام المكتب الدائم لمجلسي الأعيان والنواب أن الانتخابات البلدية ستتم في كانون الأول الحالي، اي بعد اقل من 3 اشهر، ومن ثم الانتخابات النيابية المقبلة في النصف الثاني من العام 2012. هذه اشهر حافلة بالأحداث وتحتاج إلى مسؤوليات عالية في التعامل مها خاصة من قبل "العقل الإستراتيجي" للحكومة والتي يجب أن تضع في قمة أولوياتها حساب تكاليف اي قرار يتم اتخاذه أو عدم اتخاذه على استقرار الدولة وعدم السماح بأي أصوات وعقول حامية تحاول تأزيم المواقف تحت حجة إظهار هيبة الدولة؛ لأن الوضع لا يحتمل المغامرات.
الأشهر الثلاثة القادمة ستكون مثقلة بالجهود السياسية في مسارين أولهما مناقشة وإقرار قانون مقنع للانتخابات يحقق المتطلبات الرئيسة للإصلاح السياسي وبالحد الادنى من المناوشات والصراعات والتحريض الذي قد يرافق هذه العملية. والمسار الآخر هو التحضير للانتخابات البلدية والتي ستمثل أول تمرين انتخابي حقيقي في الأردن في فترة ما بعد الربيع العربي وهي انتخابات ستكون مختلفة تماما عن ما سبقها وقد تشهد الكثير من المفاجآت السارة والأخرى التي قد تزرع العنف والفوضى في بعض المواقع في هذا الوضع من السخونة السياسية والاجتماعية. وفي الواقع فإن البداية غير مشجعة نتجية العزوف الكبير عن المشاركة في التسجيل ونتيجة المطالبات المتكررة بإعادة فصل بعض البلديات التي تضررت الخدمات المقدمة من قبلها بعد قرار دمج البلديات.
خلال ذلك سيبقى السؤال اليومي مستمرا حول مصير الحكومة الحالية. هنالك مطالبات يومية من القوى الشعبية برحيل الحكومة وحل المجلس ولكن ماذا سيحدث في اليوم التالي لذلك؟ في حال قامت الحكومة بالتنسيب لجلالة الملك بحل المجلس ستحل نفسها أيضا وتتشكل حكومة جديدة قد تكون مسؤولة عن الانتخابات البلدية، وتستمر على الاقل حتى نهاية الانتخابات النيابية ايضا في حال حققت نجاحا في تنظيم "البلدية"، وفي حال فشلت سوف ينعكس ذلك على المطالبة بحكومة جديدة تشرف على الانتخابات النيابية إلى أن تتشكل حكومة الأغلبية البرلمانية العتيدة، والتي ستكون بحد ذاتها حكومة ذات طابع جديد ومختلف تماما عما سبق سواء إيجابا أو سلبا.
إذا هنالك سيناريو قد يكون جديا في وجود ثلاث حكومات في أقل من سنة، فهل هذا هو حقا المسار الحقيقي للإصلاح؟ وما هي كلفة ذلك على مسارات التنمية والنمو الاقتصادي وغيرها من الأعمال المستمرة والتي يجب ان تحظى بنوع من الاستقرار؟
الأسلم من الناحية السياسية أن تستمر الحكومة الحالية في تنظيم الانتخابات البلدية وربما بقدر معقول من الكفاءة وبعد ذلك ستبدأ مرحلة الانتخابات النيابية والتي تعني حل مجلس النواب وبالتالي استقالة الحكومة دستوريا. ولكن في حال تم اتخاذ قرار بتشكيل حكومة جديدة فإن هذا التغيير يجب أن يكون في غاية الحرص على الاستقرار حتى تتمكن الحكومة الجديدة من تنظيم الانتخابات البلدية والنيابية وتستمر لمدة سنة في مناخ مستقر تقريبا وغير خاضع للضغوطات والتحريض اليومي وهذا ما يتطلب اختيار رئيس حكومة يحظى بثقة القوى السياسية التقليدية والمستجدة وطاقم وزاري يستطيع التعامل مع كافة الملفات الصعبة على المستوى السياسي العام والمستوى الخاص بكل وزارة ولا مجال أبدا للتجريب هذه المرة؛ لان الكلفة ستكون عالية جدا.
batirw@yahoo.com