العربي' بسام البدارين: إختار قادة الحركة الإسلامية الأردنية توقيتا حرجا للغاية للإعلان مساء الأحد ليس فقط عن رفضهم للصيغة التي إعتمدتها الحكومة والمؤسسات الرسمية للتعديلات الدستورية .
ولكن أيضا رفضهم الإستباقي والمبكر للعملية السياسية الإصلاحية التي ستطلقها هذه الصيغة بعد خروجها المتسارع من البرلمان على شكل تعديلات جوهرية طالت نصوصا لم تتعدل منذ عام 1952 .
بمعنى آخر خطط الإسلاميون جيدا مرة أخرى لإرباك مؤسسات القرار ولإبقاء الساحة السياسية عند مستوى التأزيم الذي لحق بالبلاد بعد رفضهم المشاركة بإنتخابات 2010 لإنها زورت كما اعلنوا سابقا.
ويعني ذلك أن حركة الأخوان المسلمين قررت رغم الأنباء التي تتسرب عن إتصالات بين بعض قادتها وبين مستويات مهمة في الدولة تجنب إضفاء شرعيتها وموافقتها على الحزمة السياسية التي ستعقب إقرار التعديلات.
ذلك حسب تفسيرات المحللين المحليين يفترض أن يشمل التجهيز لإنتخابات مبكرة عام 2012 ستنظم وفقا لمنظومة النزاهة التي تضمنها تعديلات الدستور الطازجة كما يفترض ان يشمل ترتيب أوراق الحياة الحزبية في البلاد على أن يسبق ذلك أول إنتخابات بلدية ستجري في عهد التعديلات الدستورية الجديدة التي نصت لأول مرة على تشكيل هيئة مستقلة لإدارة الإنتخابات العامة ونصت- وهذا الأهم- على وجوب إستقالة الحكومة التي تحل البرلمان فورا.
وبالنسبة لزعيم التيار الأخواني الشيخ همام سعيد فقد قالها بوضوح على هامش التصريحات الأخيرة لتياره فالتعديلات المقررة لا ترقى لمستوى طموح الشعب الأردني ولا يمكنها أن تكون مرضية.
ورضا الإسلاميين عن التعديلات يتحقق عبر وضع ترتيب دستوري جديد يضمن وجوب تشكيل حكومة أغلبية برلمانية بعد الإنتخابات القادمة مما يعني ضمنيا سحب صلاحية تشكيل الحكومات عمليا من القصر الملكي وهي مسألة شدد رئيس الوزراء الأسبق علي أبو الراغب على أنها غير مقبولة كما رفضها علنا وعدة مرات رئيس الوزراء معروف البخيت.
وبدون هذا المقترح وهو تتشكل الحكومات من تيار الأغلبية البرلمانية يقول الشيخ همام سعيد ضمنيا {.. لن نلعب} وتفسير ذلك أن الإسلاميين ليسوا بصدد المشاركة في الإنتخابات البلدية المقبلة نهايات أيلول وبدايات تشرين ولا في أي إنتخابات عامة مبكرة ما لم يتحقق ما يمكن وصفه اليوم بشرطهم الأساسي المعلن وهو أن تتضمن التعديلات نصا يوجب تشكيل البرلمان للحكومة وليس أي جهة أخرى.
ويعلل الشيخ حمزة منصور ذلك عندما يسأل بالإشارة إلى أن الإصلاح السياسي سيبقى منقوصا ما لم تتداول الأغلبية البرلمانية سلطة التنفيذ وأقل من ذلك من الصعب ان ندعي بأننا على طريق التحول الديمقراطي على أساس ان يبقى القصر الملكي راعيا لجميع السلطات مستقبلا.
ولان الإسلاميين ليسوا وحدهم الان في دائرة الرفض المسبق والعلني لتعديلات الدستور يرتبك المشهد مجددا وتختلط الأوراق ويطرح نشطاء وقانونيون تساؤلات مثيرة حول المستجدات الواقعية إذا بقي الإسلاميون في موقعهم الحالي .. يقول النائب السابق وعضو لجنة الحوار الوطني مبارك أبو يامين : إذا برزت قوى في الشارع اليوم ترفض وجبة التعديلات الدستورية التي أصبحت بين يدي البرلمان فنحن أمام مأزق؟
ويزيد أبو يامين عندما تسأله القدس العربي : كان لابد من البداية بأن تقسم التعديلات الدستورية إلى مرحلتين تنجز الأولى من قبل البرلمان الحالي وتتضمن تلك المعنية بملفي الأحزاب والإنتخاب وتجري الإنتخابات العامة لاحقا فيعمل البرلمان الجديد على التعديلات الأخرى الأساسية أكثر.
ويضيف: ما دون ذلك كنا سندخل مجددا في الحائط ويبدو الان أننا نفعل.