عبد الباري عطوان يكتب : خيارات العقيد القذافي

عبد الباري عطوان يكتب : خيارات العقيد القذافي
أخبار البلد -  

أجريت مقابلة صحافية يتيمة مع الزعيم الليبي معمر القذافي قبل 12 عاماً، بالتمام والكمال، وفي ثكنة العزيزية، ولأكثر من ثلاث ساعات، حيث كان يستعد لاستضافة مؤتمر منظمة الوحدة الافريقية واحتفالات الفاتح من سبتمبر، التي كانت ستتم للمرة الاولى بعد رفع الحصار الاممي المفروض على ليبيا، بسبب تورط قيادتها في جريمة 'لوكربي'.
ما لفت نظري في الخيمة التي اختيرت للقاء الزعيم القذافي (شبه المخلوع حالياً) في المساحة العشبية الخضراء المزروعة بأشجار النخيل ناضجة الثمار في ذلك الوقت من اواخر آب/اغسطس (1999)، وجود مجموعة من امهات الكتب والمراجع القيمة باللغتين العربية والانكليزية فوق المكتب الذي جلس خلفه المضيف، كان من بينها كتاب 'صعود وسقوط الامبراطوريات'.
من المؤكد ان العقيد القذافي لم يقرأ أياً من هذه الكتب، والانكليزية منها خاصة، بسبب عدم المامه بها، ولكنه اراد من خلال عرضها بهذه الطريقة الايحاء بأنه مثقف ومفكر عالمي كبير، على المستوى نفسه مع المفكرين الآخرين، ان لم يكن اهم.
تذكرت هذا الكتاب، اي 'صعود وهبوط الامبراطوريات'، وانا ارى ما اعتقد انه الفصل الاخير في انهيار امبراطورية الزعيم الليبي التي امتدت لأكثر من اربعين عاماً، عندما شاهدت قوات المعارضة تقتحم احدى قلاعها الحصينة (ثكنة العزيزية) دون اي مقاومة تذكر، عدت الى الوراء قليلاً، وبدأت اتخيل الحراس، والبطانة، والخيم الثلاث المتشابهة، والعقيد القذافي وهو يقف بخيلاء بلباسه الليبي التقليدي ونظارته السوداء.. كل هذا الفولكلور انهار واختفى، وما بقي منه بعض التحف والهدايا وقطع الاثاث التي استولى عليها من كان سباقاً في دخول المكان، بل حتى غرف النوم.
لا أحد يعرف الجهة التي توجه اليها العقيد الليبي، والمكان الذي لجأ اليه كمحطة ترانزيت ثانية، الى ان يلحق به مطارده، او ربما محطة اخيرة، ولا معلومات مؤكدة عن الكيفية التي غادر بها.. هل عبر انفاق سرية، ام بسيارات مدرعة ومظللة.. وكيف تأتى له ذلك دون ان ترصده وأسرته عيون طائرات الناتو التي لم تتوقف عن التحليق لحظة، وقيل لنا انها تملك عدسات تلتقط حتى ماركة الملابس الداخلية للشخص المستهدف؟.
' ' '
هناك ثلاثة خيارات امام العقيد القذافي بعد سقوط عاصمته، ومعها ثكنته المفضلة، وانهيار قواته:
*الأول: ان يكون قد غادر ليبيا الى سرت حيث معقل انصاره الاقوى، وبعض حلفائه القبليين، او الى سبها وواحة الكفرة، حيث مسقط رأسه ومرابع قبيلته.
*الثاني: ان يكون قد اقتدى بجاره وصديقه المخلوع الاول الرئيس زين العابدين بن علي، اي اللجوء الى ملاذ آمن في إحدى الدول الافريقية التي اغرق شعوبها وزعاماتها بمساعداته المالية، لان من المستحيل ان يكون مرحباً به في الرياض او جدة في المملكة العربية السعودية.
*الثالث: ان يلجأ الى خيار الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، اي ان يبدأ في اعادة تنظيم صفوف انصاره ومريديه وابناء قبيلته والقبائل الموالية، وشن حرب عصابات ضد النظام الليبي الجديد، وينفذ بذلك تعهده بالقتال حتى الموت.
من الصعب علينا ان نجزم بأي واحد من هذه الخيارات، ونقدمه على الخيارين الآخرين، ولكن ما يمكن ترجيحه هو الخيار الثاني، اي التوجه الى مرابع قبيلته ومحاولة اذكاء العصبية القبلية، لتعكير مياه النظام الجديد الذي من المفترض ان يكون ديمقراطيا تعدديا.
لا نعتقد ان العقيد الليبي سيقاتل حتى الموت، فقد تبنى الخيار نفسه زعيم تنظيم القاعدة الشيخ اسامة بن لادن، الذي كان من اعظم امانيه الذهاب الى الجنة شهيدا، ولم تتحقق له هذه الامنية الا بعد عشر سنوات من 'غزوتي' نيويورك وواشنطن، قضاها متخفيا من مطارديه الامريكيين الذين يريدون رأسه.
الرئيس العراقي صدام حسين استطاع ان يقود المقاومة للاحتلال الامريكي لبلاده لما يقرب من العامين، الى ان وشى به احد المقربين منه طمعا في المكافأة التي وضعها الامريكان على رأسه، ولا نعرف كم من الاشهر او الاعوام سيتخفى العقيد القذافي عن اعين مطارديه وطائرات تجسسهم قبل ان يتم القبض عليه.
ما نعرفه ان حلف الناتو حسم المعركة على الارض وعجل بالاطاحة بنظام حكمه الجماهيري، وسهل فتح صفحة جديدة في تاريخ ليبيا الحديث، من السابق لأوانه او من المبكر التكهن بمعالمها الرئيسية.
' ' '
الخطوات التي سيتخذها المنتصرون في الاسابيع او الاشهر المقبلة هي التي ستلعب دورا رئيسيا في رسم ملامح المستقبل الليبي في مرحلة ما بعد القذافي، وهي مرحلة في قمة الصعوبة والتعقيد، لان المنتصرين سيرثون بلدا ممزقا منهارا دون اي مؤسسات حكم او بنى تحتية، والاكثر من ذلك شعبا منهكا بسبب ستة اشهر من الحرب، واربعين عاما من المعاناة قبلها.
الحفاظ على الامن عنصر حاسم في تحقيق الاستقرار وبناء نظام جديد على اسس ديمقراطية راسخة، والتحدي الاكبر يتمثل في كيفية منع تفاقم الخلافات بين فسيفساء القوى المنضوية تحت عباءة المجلس الوطني الانتقالي، وخاصة بين الاسلاميين والعلمانيين.
ولا نبالغ اذا قلنا ان احاديث ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا، ومن قبله وزير خارجيته وليم هيغ عن احتمال ارسال قوات غربية لحفظ السلام والامن في ليبيا في المرحلة المقبلة، هو احد اكبر الالغام التي يمكن ان تتفجر في وجه النظام الجديد، وكذلك الرضوخ لمطالب حلف الناتو بإقامة قواعد عسكرية على الاراضي الليبية.
السيد مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي الليبي قال إنه لن يقبل بأي قواعد اجنبية، وهو صادق في قوله هذا، ولا يخامرنا شك في ذلك، ولكنه رئيس مؤقت وكذلك مجلسه، ولا نستبعد استقالته حتى قبل بدء المرحلة الانتقالية، وقد هدد بذلك على ارضية مقتل الجنرال عبد الفتاح يونس.
لا نريد تعكير صفو احتفالات الليبيين بانهيار النظام الليبي، واستعادة طرابلس العاصمة بالكامل، وبالحد الادنى من سفك الدماء، ولكن الخوف على مستقبل ليبيا يظل خوفا مشروعا.

شريط الأخبار وزارة النقل: مشروع تتبع المركبات الحكومية خفّض الاستخدام غير المبرر للمركبات بنسبة 62% "الجمارك" تضبط 25 ألف حبة مخدر و50 غراما من مادة الكريستال الملك يطلع على خطة الحكومة لتطوير المرحلة الأولى من مشروع مدينة عمرة سوليدرتي الأولى للتأمين تقيم ورشة عمل في الجامعة الألمانية الأردنية بعنوان: "التأمين… وإدارة المخاطر" فرع جديد لمجموعة الخليج للتأمين – الأردن في جبل عمّان القضاء يلزم مريضي سرطان بحفظ سور من القرآن كعقوبة بديلة نائب: شموسة منعت من الدخول في عام 2021 هل صرف "الاهلي المصري" النظر عن النعيمات ؟ ضبط أكثر من 1400 اعتداء على خطوط المياه خلال شهر واحد سلامي: نواجه خصمًا قويًا وسندافع عن حظوظنا لبلوغ نهائي كأس العرب.. موعد المباراة قتلى ومصابون جرّاء إطلاق نار على حفل يهودي في سيدني الفحص الطبي لمرة واحدة… قرار جباية أم تنظيم؟.. النوتي يكتب... الصبيحي يكتب.. الدراسة الاكتوارية للضمان: مؤشرات تحذير لا مخاوف تخبط اداري في مؤسسة صحية .. فك وتركيب اقسام ومديريات!! السفير الأميركي يواصل جولاته المكوكية بين الوزارات الأردنية فريحات يكتب.. السلامي يواجه أستاذه رينارد .. صراع خبرة وطموح في المستطيل الأخضر ايقاف 3 مصانع منتجة للنمط ذاته من المدافئ المتسببة بالوفيات التمييز تحسم القرار .... فينكس القابضة تكسب قضية بملايين الدنانيير ضد الصناعية العقاريه الحكومة تشكل لجنة للبحث عن اسباب حوادث الاختناق حماية مستهلك: إيقاف بيع المدافئ مؤقتاً