اذا ما اردنا تلبية كل الدعوات التي تصل من الوزارات والمؤسسات الرسمية المستقلة وغير المستقلة فلن نتناول طعام الافطار على موائد بيوتنا ابدا وستكسب الحكومة ومؤسساتها اجرا على تفطير الصائمين , على الوجهين بالمناسبة , وجه تفطير الكتاب والصحفيين واقعا عبر الدعوات وواقع التفطير قهرا من هذا النمط السلوكي التبذيري المشين.
منذ مقدم حكومة الدكتور معروف البخيت وهي تتحدث عن الوفر والتوفير وضبط النفقات وشد حزام الموازنة حتى التصق بطن المواطن بظهره , ولم تتوقف تصريحات وزير المالية عن الوفر في الموازنة وانخفاض العجز , وللانصاف فقد افترضنا وفي موسم ارتفاع منسوب الورع الرمضاني كطقس اردني مهيب ان تزداد نسبة الوفر وان تتوجه الاموال الفائضة الى مقاصدها الحقيقية واوجه الانفاق التي تمنح الدولة والحكومة ملمح وفر وتقشف يليق بواقعنا المالي والاقتصادي لا ان يصبح رمضان موسما للتفاخر الرسمي والتباهي بين الوزراء اسوة بالسلفات والضرائر .
دعوة من وزير البلديات لتكريم عمال الوطن في افطار رمضاني على شرف اصحاب الافرهول البرتقالي , يبتهج القلب من الدعوة والتكريم لينسطح القلب عند رؤية 200 سدر منسف – يا دولة الرئيس – وما يقرب الخمسين عاملا فقط وباقي المدعوين من رؤساء البلديات والكتاب والصحافيين والاحزاب – بوصف الوزير حزبي – ومن كل الاطياف الاردنية الا المستحقين فعلا , قبل ان ينقلب حفل الافطار الى حفل طرب ورقص على صوت المطرب الاردني حسين السلمان وسط مشاركة الوزير للمحتفلين الرقص والدبكة ونكتفي بهذا القدر .
بعدها دعوة من وزير الداخلية لقرابة الف مدعو , صحفيون كتاب وحزبيون وسياسيون ومتظاهرون سابقون ولاحقون , والفكرة هي ان يقول الوزير على الطريقة الفرنسية للذين تم الاعتداء عليهم في ساحة النخيل « سوغي « فالفرنسيون اصحاب اعرق الديمقراطيات يقلبون الراء « غين « , وقبلهما وزير المياه ووزراء كثر ومؤسسات رسمية مستقلة ,كل ذلك والحكومة تشكو الفاقة وتريد من المواطن ان يصدق روايتها في ضرورة شد الحزام واحتمال اللجوء الى رفع الاسعار لبعض السلع والمشتقات لاحقا , فكيف سيصدق الناس ذلك ؟
نعاني منذ العام 1996 حصريا – اي منذ بداية استطلاعات الرأي في الاردن - , من تراجع نسبة الثقة في الحكومات المتعاقبة والنسب في تراجع وتدن , وفي كل مرة نسأل عن السبب وعن امكانية العلاج فتكون النتائج اكثر قتامة , بل ان الثقة باتت تتراجع الى ارقام تؤرق اي قارئ على عجل وليس بتعمق .
والنتيجة ان سلوك الترف وسلوك الانفاق الثأري من المواطن هو الذي يدفعه ليحقق فعلا نبوءة رئيس وزراء سابق بأن الاردنيين يكرهون المسؤول , والسبب ان المسؤول لا يشعر بالوجع الشعبي ولا يعرفه , لذا تزداد الفجوة وتزداد المسافة بين الخطاب الرسمي والسلوك الرسمي لصالح اصوات نشاز تستثمر في غضب الاردنيين من سلوك رسمّييهم , فباتوا لا يفرقون بين كلمة الحق الصادرة عن المعارضة الوطنية التاريخية والجديدة وبين الاصوات النشاز التي تلبس لبوس المعارضة وهي تتحرك ثملة على ابواب السفارات والفضائيات .
اعرف اننا نثق بنظافة يد الرئيس الشخصية ,وانني شخصيا رأيته وهو « يفتّ « الخبز في صحن العدس خلال عشاء , لكن اخشى عليه وعلى حكومته من هذا السلوك الثأري من وزرائه في الانتقام من الاردنيين بالانفاق الباذخ .
عمر كلاب ينتقد موائد الوزراء الرمضانية التبذيريه
أخبار البلد -