هل تلبي التعديلات الدستورية طموحات الشعب الاردني؟ وهل ستحظى بمباركته؟ الاجابة –بالطبع- وصلتنا بعض اشاراتها من خلال قراءات سريعة لبعض المعنيين بالشأن العام، وشعارات سمعناها تتردد في الحراكات الاجتماعية التي تابعنا فصولها كل اسبوع، لكن من واجبنا ان ننتظر ما ستشهده الايام القادمة من نقاش عام حول الموضوع وخاصة ما يقوله اخواننا فقهاء القانون والدستور الذين يفترض ان يؤدوا واجبهم المهني والوطني والاخلاقي في "تنوير" الناس بما تتضمنه هذه التعديلات من تحولات في الحكم والادارة والعلاقة بين السلطات وبما يمكن ان تساهم فيه حيال مسيرة "الاصلاح" التي اصبحت مطلبا للعبور نحو مرحلة جديدة عنوانها "اليقين" السياسي والديمقراطية الحقيقية النابعة من ارادة الشعب والمعبرة عنه ايضا.
من الطبيعي ان يختلف الاردنيون على هذه التعديلات ومن حقهم ان يعبروا عن آرائهم حولها لكن من المفيد ان نستثمر "الشهر" الذي يفصلنا عن اقرارها بتوجيه النقاش العام وادارته بشكل منضبط وعقلاني للوصول الى "توافقات" وطنية تساعدنا في "اخراج" صيغة مناسبة ومقنعة "للدستور" الذي نريده صحيح ان ثمة اضافات وتعديلات انجزتها اللجنة شكلت "نقلة" نوعية في حياتنا السياسية وصحيح ان ما تم في سياق الاستجابة للمطالب الشعبية يمنحنا "الامل" بالتقدم نحو المزيد من الاصلاحات في التشريعات والممارسات معا لكن الصحيح –ايضا- اننا امام مرحلة حاسمة تحتاج الى "صفاء" وطني ينطلق من ارادة حقيقية في الاصلاح والتغيير بحيث يشارك الجميع في انجازها بعيدا عن منطق الهروب او الاقصاء وبعيدا –ايضا- عن مزاودات الاحتفاء المفتوحة على التعمية والارتجال.
لهذا نريد ان نسمع رأي فقهاء القانون ونريد منهم ان يتولوا "ادارة" النقاش العام حول هذا الموضوع الساخن الذي يهم الاردنيين كلهم وعليه يتوقف مستقبل بلدنا وحيويته ومدى قدرته على التفاعل مع استحقاقات "الزمن" الذي يبدو انه يحاصرنا من كل اتجاه.
لا نريد الآن ان نستعجل في اصدار الاحكام والمواقف الجاهزة ولا يسعدنا –ايضا- ان يمر "الحدث" دون حوار وطني يكشف ما تم انجازه وما غاب ويمكن استدراكه، لدينا –بالتأكيد- ملاحظات وتحفظات ولدينا طموحات مشروعة لكن هذه كلها تحتاج الى "قنوات" مأمونة لكي تمر وتصل وتؤثر وتحتاج الى فقهاء يعرفون الصنعة ويتقنونها لكي يدلونا على الصواب.
الدعوة الى الفهم والتمهل قبل اصدار الحكم في هذا الموضوع تحديدا لها ما يبررها فنحن لسنا امام "مشروع" قانون يمكن ان نمرره ثم نكتشف لاحقا انه بحاجة الى تعديل او تغيير كما حصل في تجاربنا الكثيرة مع التشريعات وانما امام "قانون اساسي" يفترض ان يحظى بأوسع ما يمكن من توافقات ةتفاهمات واستجابات كما اننا امام مرحلة صعبة وطنيا واقليميا عنوانها "الحقوق" ومشهدها العام واضح في حراكات الناس ومطالبهم التي ترتفع سقوفها يوما بعد يوم وبالتالي فان فرصة "التعديلات الدستورية" تضعنا امام "امتحان" يتوقف على نجاحنا فيه وتجاوزنا لأسئلته الصعبة تقرير مصير بلدنا وسلامة طريقنا وخروجنا من دائرة "الازمات" الى دائرة الحلول والمعالجات ودخولنا الى مرحلة "اليقين" الوطني والسياسي التي يتمناها كل الاردنيين.
يبقى سؤال أخير: هل ستفتح التعديلات الدستورية امامنا ابواب "الامل" على فضاء توافقي يحسم الجدل الدائر حول الاصلاح ومطالبه ام انها ستفتح المجال امام سجالات وحراكات قد تأخذنا الى المجهول؟ هذا ما يجب ان نفكر بالاجابة عليه بوضوح وبمنتهى المسؤولية.
حسين الرواشدة يكتب : التعديلات الدستورية : بانتظار رأي فقهاء القانون
أخبار البلد -