قبل فوات الآوان وفقدان الاردن والبكاء عليه .. يجب أن نفهم
- الخميس-2011-08-12 14:39:00 |
أخبار البلد -
كتب وحيد الطوالبة
عندما تجلس مع السياسيين في بلادنا وتسألهم عن مايجري أو ما سيجرى ومدى تأثيرة على الاردن كنظام ودولة تجدهم لايفهمون سوى الخوض في ما تتناقله وسائل الاعلام هنا او هناك وتشغلهم آخر اخبار التعديل او التشكيل الحكومي وتبديل فلان مكان فلان وبعضهم يسألك عن اسعار العقارات والاراضي ولهم في ذلك مآرب بيع وشراء وقلق على الممتلكات ولاتجد لديهم ادنى قلق على مستقبل الاردن ... وفي المقابل عندما تجلس مع ماتسمى برموز سياسية وحزبية ومعارضة وشيوخ عشائر تجد جبالا من التناقضات فهذا راغب في ابو الراغب وذلك مولع في الكباريتي وآخر متيم في الربيع العربي معتقدا أنه ربيع العشب الحقيقي غير مدرك أن ذلك ما هو الا حريق للأخضر واليابس
لا احد يتسائل ان كان لا يعرف ... ولا يتحدث ان كان يعرف كيف بني الاردن وما هي الاسرار التي واجهها الحسين بن طلال وماذا كان يقصد بالنسيج الوطني عندما كان يتحدث عن الأسرة الاردنية الواحدة وما هي الصعاب والمخططات التي كانت تحاك للاردن وضد نظامه السياسي .. معظم ذلك يعرفه البعض ممن عملوا الى جانب الحسين طيب الله ثراه ومعظم ذلك كان يعرفه من عمل الى جانب المللك المؤسس رحمه الله لكنه دفن معهم ولم يصلنا وهذه مشكلة من عمل او يعمل الى جانب آل هاشم انهم لا يتكلمون ظنا منهم أن تلك اسرار ... وقد تجد عددا بسيطا منهم يحدثك عن قصص نادرة متقطعة عليك جمعها وتركيبها لتشعر كم كان الاردن قد تعرض لهزات كادت ان تعصف به وتنهي وجوده لولا قدرة الملك - أيا كان - على تجاوز الاحداث
قبل وصول الأمير عبدالله بن الحسين للاردن لم نكن نعرف بعض كاردنيين ولم نكن نتزاوج فيما بيننا كبدو وحضر وكنا في الشمال لانعرف عن الجنوب اي شئ وكذلك في الجنوب كانوا لا يعرفون شيئا عن الشمال ومع تأسيس امارة شرق الاردن والبدء بتشكيل نواة الدولة بدأ الملك المؤسس بارساء نهج خدمة ابناء الشمال في الجنوب وخدمة ابناء الجنوب في الشمال وكان الفرسان على سبيل المثال لاتستقر بهم الخدمة في مكان اكثر من ستة اشهر ولاحقا بدأت مهنة التدريس تنتشر ولاحظنا كيف اصبح الكل يعرف الكل وهذا بداية تشكيل ما يسمى النسيج الوطني ان نعرف بعضنا بشكل افقي شمالي وجنوبي وشرقي وغربي .. لقد كان ابناء الشمال لا يعرفون عن الكرك او معان او العقبة شئ لان طريقهم كانت باتجاه مدن حيفا وعكا وطبريا وصفد ...الخ وكان الكل يتساوى في الفقر والحاجة شمالا وجنوبا ولم يكن هناك فسادا ولا سطوا على المال العام ولم تكن دابوق ولا غيرها قد ولدت بعد .... وهذا هو الخط العامودي في النسيج الوطني والعدالة كانت سائدة بالفطرة فلا ينام احد وجاره بغير عشاء وكان المختار يعرف كل صغيرة وكبيرة
لاحقا جاء الملك طلال رحمه الله ووضع الدستور الاردني مؤسسا لدولة تطبق احكام الدستور ولا تتجاوز عليه لان المهم ليس وضع الدستور بقدر ما هو مهم ان لا نقفز عليه كما حصل لاحقا وشرعت مئات القوانين المؤقتة بشكل مخالف للدستور وبالمناسبة معظم الدول لم تكن وبعضها لايزال من غير دستور والولايات المتحدة هي اول دولة وضعت دستورا وهو عبارة عن تحالف بين الولايات وكان سائدا في بلادنا ان الشرع هو الدستور وفي بريطانيا لا يزال ما يسمى بالعرف الدستوري وهو اقوى من اي شئ لكن الملكة لا تتصرف الا وفق تلك الاعراف فمثلا يحق لها ان تبيع سكوتلندا بحكم النظام الاقطاعي سابقا لكن هل تتصرف هكذا ...؟؟؟ العرف الدستوري يمنعها ... امام اليمن في القرن الثامن عشر اراد طرد اليهود من اليمن وعندما سمع الامام الفقيه الشوكاني رحمه الله قال للامام وهو الحاكم المطلق وبلا دستور يمني هذا لا يجوز فهؤلاء أهل ذمة في ديننا وحسب الشرع ... فتوقف الامام ولم يرحلهم ... واسبانيا عندما طردت اليهود عام 1610 من اراضيها لجأوا للدولة العثمانية فأسكنهم في صفد وسكسونيا وسراييفوا ولما اشتكوا اليه لا حقا انهم لايملكون مالا لبناء كنس يهودي لهم اصدرالصدر الاعظم للدولة العثمانية قرارا بجواز بناء الكنس اليهودي من مال المسلمين ... هذه عظمة الشرع الذي كان سائدا ولم نكن نملك دساتيرا ... اليوم اصبحت لدينا دساتير ونريد كل يوم تعديها وتزويقها وفق هوانا ومصالحنا وليس وفق متطلبات العصر والتقدم وتطور المجتمع العربي والاردني
نحن في الاردن نتجه هذه الآيام لاجراء تعديلات على الدستور وأخطر ما في تلك التعديلات ما يتعلق بانشاء المحكمة الدستورية التي يراد لها ان تناط بها صلاحية ابطال القوانين الصادرة عن مجلس الأمة واقصد القوانين النافذة والمشرعة حسب الاصول وليس القوانين المؤقتة .. وفي حال انيطت هذه الصلاحية بالمحكمة الدستورية فهذا تعد واضح على سلطة البرلمان ومبدأ الفصل بين السلطات واستقلاليتها ونشوء سلطة رابعة هي اقوى من سلطة الملك وغيره من السلطات وسيصبح الاردن ومصيره معلق بيد رئيس واعضاء المحكمة الدستورية
الشرفاء والفاهمون المدركون لما يحاك للاردن يرفضون تقليص صلاحيات الملك لان لا احد الآن هو جاهز كبديل ... لا البرلمان ... ولا الاحزاب ولا حتى مجلس قومي للاردن ولذلك ستأخذنا الغوغائية الى المجهول
لمن لا يعرف فقد تعرض الحسين رحمه الله الى ضغوط امريكية منذ بداية حكمه وقد حاول الامريكان في اخطر تلك الضغوط التخلص منه عندما رفض الانخراط في اتفاقية كامب ديفيد وكان عنيدا في تلك المسألة وتحول الى العراق حيث اصبح العراق في عهد صدام حسين داعما رئيسيا للاردن واستسلم الامريكان لتوجه الحسين واقتنعوا بمقولة دعوه يموت ملكا ... الحسين منذ بداية حكمة كان حكيما وكان الاردن مرتبطا بمعاهدة مع بريطانيا كانت الأخيرة توفر دعما ماليا سنويا للاردن بموجب المعاهدة التي الغاها تشرشل لاحقا ومن حسن حظ الحسين والاردن انذاك أن برز في العالم معسكرين هما المعسكر الشرقي والغربي فانحاز الحسين للمعسكر الغربي وهو ما وفر للاردن دعما استراتيجيا على مدى عقود حكم الحسين ودعم استمرارية النظام السياسي للاردن بعيدا عن بؤر التوتر التي كانت تحدث هنا وهناك
اليوم يواجه الاردن اخطر ايامه وعلى نار هادئة وعندما نقول الاردن نقصد كل من على الارض الاردنية شرقي وغربي ونظام سياسي وكل ما هو مخطط لها اسرائيليا سينطلق من وهن او ضعف في فهمنا لما سيجري وعلى قدرتنا في التعاطي مع الحلول قبل وقوع الفأس في الرأس .... وكما يحلل البعض ويقول ان الاردن فيه ثنائية للهوية هذا اردني شرقي وهذا اردني غربي وهذا سيخدم الاردن وسيشكل مانعا للصواعق التي ربما تحدث فان هذا الكلام جميل في ظاهره لكن احدا لم يضع في الحسبان ما هو اخطر من ذلك وهو حدوث صدام اردني - فلسطيني داخل الدولة الاردنية وهو ما تسعى وتخطط له اسرائيل عبر عدة ادوات داخل الاردن وخارجه وذلك باشعال حرب اهلية داخل الاردن واخيرا لجؤ احد الطرفين للمجتمع الدولي او تحديدا لاسرائيل التي سيكون لها خياراتها انذاك
وقبل ان يتشنج البعض ويرد قائلا نحن اخوة وهذا لن يحدث اود التأكيد على اننا اخوة نعم وليس بالكلام فانا عمي شهيد من اجل فلسطين وكل بيت اردني يتشرف برفع صورة احد ابنائه كشهيد على ثرى فلسطسن ونحن والاشقاء الفلسطينيين يجمعنا اكثر ما يفرقنا وانا يهمني ابن القدس ونابلس ورام الله اكثر من ابن ام القوين والشارقة وقطر والسعودية والكويت والفلسطيني كذلك
لكن لنعد قليلا للوراء عندما تعرض الاردن لهجوم من الاشقاء في سوريا ودخل الجيش السوري الاراضي الاردنية وقف الحسين رحمه الله وكأنه يقول : يارب الى من تكل الاردن واهله ..؟؟؟ تنادى البعض وطلبوا لقاء الحسين واقترحوا عليه طلب المساعدة من اسرائيل لوقف الهجوم السوري .. الا ان الحسين رفض رفضا قاطعا حتى توغل الجيش السوري في الاراضي الاردنية فاضطر البعض ومن وراء الحسين للاتصال باسرائيل وطلب النجدة فكان الرد الاسرائيلي بالموافقة المشروطة بثلاثة شروط اولا أن يطلب الملك حسين ذلك خطيا من اسرائيل وثانيا ان تتعهد الادارة الامريكية باتخاذ قرار الفيتو اذا ما تعرضت اسرائيل للادانة في مجلس الأمن وثالثا وهو الأخطر : السماح لقوات اسرائيلية بالتمركز في مرتفعات السلط وام قيس وهنا قال السفير البريطاني لاحقا : لو وافق الملك حسين في تقديري ان القوات الاسرائيلية لن تخرج من الاراضي الاردنية
لهذا احببت العودة للوراء قليلا للتأكيد على ان القوي لديه الرغبة في التمدد ولدية الحق من منظوره الشرعي وهو غير شرعي في اقتناص الفرصة وهي متاحة حاليا لاسرائيل في امكانية تحقيقها عبر الاردن وسوريا بعد سقوط العراق في مستنقع التيه والتمزق وفقدان التوازن الذي كان يتمتع به والذي يقول اننا في الاردن اقوياء ولا مجال لاسرائيل او غيرها ان تخترقنا وان تتدخل فهذا منطق لا يسمن ولا يغني من جوع
ذهبت لكثير من السياسيين وطرحت امامهم تخوفاتي هذه ووافقني معظمهم ولكن لا احد طرح لي حلا .... على الاردن ان يأخذ به حفاظا على مستقبل الاردن كنظام وبلد متماسك سوى شخصية واحد اختصر علي كل الحلول عندما قال : يجب أن تتحقق العدالة في المجتمع الاردني ويجب أن يشعر كل اردني سواء كان من اصول شرقية أو غربية او من أية اصول أن استمرار الاردن واستقراره هو مصلحة للجميع وهذا لن يتوفر في عقول الناس الا اذا انتجت قانون انتخاب يقبل به الناس ويستوعب الجميع ويسمح للاردنيين من اصول فلسطينية بالفوز بمقاعد البرلمان بطريقة شعبية وليس بتدخلات امنية واضاف يجب أن يفصل البرلمان بارادة الشعب وليس بارادة الاجهزة الامنية ويجب ان تدار البلد كما كانت برعاية الملك وصلاحياته الكاملة ولكن لا بد من كف يد الاجهزة الامنية عن اختيار رؤساء الحكومات والوزراء لان ما مضى من تدخلات لم يعد مقبولا ليس من الناس فحسب بل ومن اجل مستقبل الاردن ومصالحه العليا ... ويضيف هل يعقل ان يتم اختيار رئيس حكومة من قبل الاجهزة الامنية ويقال عنه لاحقا انه تم اختياره كشفرة الحلاقة لانه لا يصلح الا لمرة واحدة ..؟؟؟ وهل يعقل ان يتصل مدير مخابرات برئيس الحكومة طالبا منه الخروج من جلسة مجلس الوزراء لانجاز مسألة بسيطة يتوسط بها احد الشخصيات وهي مسألة لا تستدعي مثل هذا التصرف ..؟؟؟ ويضيف ماذا حققنا من تزوير الانتخابات البلدية والبرلمانية ..؟؟؟ هل نريد القول للعالم اننا اجرينا انتخابات نزيهة ..؟؟ على من نضحك على انفسنا ؟؟؟ العالم كله ادرك فور اقفال الصناديق ان الانتخابات تم تزوريها بعدة وسائل وطرق وتلك مسألة اضرت بسمعة الاردن ومسيرته الديمقراطية
لهذا وقبل فوات الآوان وفقدان الاردن والبكاء عليه .... يجب ان نفهم كل ماسبق ويجب ان يتكلم كل من عمل الى جانب الملك المؤسس والملك طلال والملك الحسين ومن يعمل الان الى جانب الملك عبدالله الثاني ... عليهم ان كانوا مخلصون للاردن ان يتكلموا عن كل شئ حتى يدرك الناس ان هذا البلد الفقير كيف تم بناؤه والحفاظ عليه بنفس هاشمي وبسواعد مخلصة ... علينا تحقيق العدالة للناس لنضمن شراكتهم في النسيج الاجتماعي وفي الدفاع عن الارد