اخبار البلد : تمكن فريق من أساتذة الجامعة الهاشمية التابعين لمعهد الملكة رانيا للسياحة والتراث من اكتشاف الموقع التاريخي الذي جرت فيه حادثة مقتل عتبة أو «عتيبة» بن أبي لهب في وادي الزرقاء والمعروفة حاليا بمنطقة جناعة المحاذية لسيل الزرقاء , وذلك ضمن أعمال البحث العلمي الجارية في تلك المنطقة.
وبين عميد معهد الملكة رانيا للسياحة والتراث في الجامعة الهاشمية الدكتور محمد وهيب لـ «الدستور» أن أعمال البحث العلمي الميداني التي استمرت على مدار العامين الماضيين فيما يعرف بمنطقة وادي الزرقاء أكدت ثبوت الأدلة القاطعة لهذه الحادثة ,منوها إلى اعتمادهم على أسس البحث العلمي من خلال نتائج المسوحات والتنقيبات الأثرية بالإضافة إلى أقوال الرحالة والمؤرخين القدامى والمحدثين فضلا عن الخرائط ومسارات الطرق القديمة , ومقابلة عدد من المؤرخين وأصحاب الاختصاص.
وعدد وهيب بعض الرحالة الذين أكدوا وقوع تلك الحادثة في وادي الزرقاء مثل الجزيري في كتابه (درر الفرائد ) وبكبريت في كتابه (رحلة الصيف والشتاء) والذين أشاروا بوضوح إلى الطريق الذي يمر بجوار وادي الزرقاء المتميز بعذوبة مياهه والذي كانت تسلكه القوافل التجارية من مكة المكرمة والمدينة المنورة إلى بلاد الشام عبر وادي الزرقاء , معرجا على ما كتبه الدميري الذي اعتبره من أشهر الرحالة والمؤرخين القدامى إذ قال في كتابه (حياة الحيوان) : ( ..عتبة بن أبي لهب الذي دعا عليه الرسول (صلى الله عليه وسلم ) بقوله اللهم سلط عليه كلبا ً من كلابك ، فافترسه الأسد في الزرقاء من ارض الشام) , أما الطبراني فقال في كتابه: (... إن عتبة بن أبي لهب تعرض للرسول بالأذى وخرج نحو الشام في تجارة من قريش حتى نزلوا بمكان يقال له الزرقاء ليلاً فطاف بهم الأسد تلك الليلة فقال عتبة ويل أمي هذه والله آكل , فلقد غدا عليه الأسد من بين القوم فضغمه ضغمه فقتله .
ويشير وهيب أن الذي يدعم أقوال الرحالة الأوائل كثرة انتشار الأسود في الزرقاء ما ذكره الرحالة الألماني بيركهارت كثرة تواجد الأسود في منطقة وادي الزرقاء , فضلا عن أشارة تغريبة بني هلال إلى سباع الزرقاء .
ويضيف وهيب: « فيما يتعلق بالدليل الميداني فقد قام فريق معهد الملكة رانيا للسياحة والتراث بإجراء دراسة ميدانية في منطقة الواقعة ما بين قصر شبيب وهي جناعة وخاصة جانبي نهر الزرقاء وداخل الإحياء السكنية ومنطقة الورش والمصانع والمزارع وتم مقابلة المواطنين الذين استقروا في المنطقة مبكراً قبل زوال المعالم الأثرية والتراثية فيها حيث أكدت النتائج انتشار كثيف للكسر الفخارية من العصر والروماني والبيزنطي والإسلامي , وكذلك الحجارة المشرفة المعاد استخدامها في بعض الأبنية الحديثة , وكذلك بقايا بعض الأعمدة التي ما زالت ملقاة على جانبي الوادي» .
وزاد «تم مطابقة هذه المكتشفات مع الصور الجوية الملتقطة عام (1951) حيث تتطابق بشكل كبير مع ما تم اكتشافه وما وصفة الرحالة القدامى حول حي جناعة في الزرقاء حيث يشير كل من برونو ودماسفسكي وكيندي من الرحالة والمؤرخين القدامى إلى القرية الكبيرة التي كانت هنا والمسماة (خربة حديد ).
و أما الإثبات الثالث فيقول وهيب أنه مستند الى الخرائط القديمة فقد تم التأكد من أن الموقع وجد مثبتاً على أقدم الخرائط في العالم ألمسماه خريطة بوتنجر حيث أطلقت عليها اسم (GADDA) , ولعل وصف الرحالة الانجليزي ميرل بقوله (إنها مدينة كبيرة الحجم وفيها منشات مائية وعمائر ممتدة ) ما يؤكد أهمية الموقع قديما حيث زالت معظم بقاياه في مطلع القرن الماضي ويتضح أن تاريخ مدينة الحديد (جادا قديماً) يتطابق مع نتائج البحث الميداني كونها موقع الحادث من حيث الفترة التاريخية التي ترجع إليها البلدة ألا وهو العصر الروماني البيزنطي والإسلامي وخاصة خلال فترة صدر الإسلام .
ويستطرد وهيب قائلا: «و نلحظ من أقوال المؤرخين والرحالة القدامى والمحدثين ونتائج إعمال المسوحات الأثرية الميدانية , والخرائط القديمة تشير بوضوح إلى مدينة الحديد (جناعة حديثا) ولا زالت بقايا أعمدة أثرية بجوار كلية المجتمع الإسلامي آخر الشواهد الحية للمدينة التي شهدت حادثة مقتل عتبة بن أبي لهب كما تم الكشف عن بقايا قنوات مائية مقطوعة في الصخر على أطراف حي جناعة وانتشار كثيف للمخلفات الأثرية من الكسر الفخارية الكلاسيكية .
وينوه الدكتور وهيب أن هذا الاكتشاف يندرج ضمن رسالة الجامعة الهاشمية نحو خدمة المجتمع المحلي وتنشيط السياحة في الأردن ، مؤكدا أن الاكتشاف المشار إليه يسهم في تنشيط السياحة البيئية والدينية والأثرية في محافظة الزرقاء.
وفق دراسات وابحاث جامعية .. عتيبة بن أبي لهب قتل في حي جناعة بالزرقاء
أخبار البلد -