تباينت ردود أفعال مختصين حيال آثار أزمة الديون الامريكية على الاقتصاد الأردني في ظل سياسة ربط الدينار بالدولار, في الوقت الذي رفض مجلس الشيوخ الأمريكي الذي يسيطر عليه الديمقراطيون أمس مشروع قانون لرفع سقف الديون الامريكية.
وكان مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون قد وافق على مشروع القانون في وقت سابق امس الاول الجمعة, فيما يتوقع ان يدفع زعيم مجلس الشيوخ الديمقراطي قدما للحصول على أصوات كافية من الحزبين لاجتياز الكونجرس قبل الموعد النهائي في الثاني من آب.
وذكر مصدر حكومي مطلع فضل عدم ذكر اسمه ان رفع سقف الدين الامريكي سيتسبب باضعاف قيمة الدولار وكون العملة الأردنية مرتبطة بالدولار الامريكي فإن المملكة ستتأثر بأية تداعيات على العملة الامريكية.
وقال المصدر: يتوقع ان تكون الاثار محدودة جدا نتيجة ان اغلب التعاملات الأردنية الخارجية تتم بالدولار بيعا وشراء, وبالتحديد نحو 80 بالمئة من التعاملات الخارجية الأردنية تجري بالدولار الامريكي.
وقلل المصدر من اية مخاوف تجاه انهيارات في الاقتصاد الامريكي او اعلان الافلاس, مشيرا ان واشنطن مضطرة الى خيار رفع سقف الدين.
من جانبه يرى الخبير الاقتصادي مفلح عقل ان التأثير الاساسي لأزمة الديون الامريكية سيأتي على الدولار وسيكون تأثر الاردن بها مباشرا وسريعا نظرا لارتباط العملتين, اضافة ان اغلب الاحتياطات الأردنية بالعملات الاجنبية.
واشار ان اثر الازمة مؤقت ولن تصل الولايات المتحدة الى مستوى اعلان الافلاس واصفا ما يجري بأنه ازمة سياسة تتعلق بانتخابات الرئاسة الامريكية وحالة الشد والجذب بين الجمهوريين والديمقراطيين.
واشار ان سوق الاسهم والسندات الامريكية ستتأثر بشكل سلبي مؤقت بالازمة, وسيعمد الى تعديل اوضاعه بشكل سريع بعد الاتفاق على سقوف جديدة للدين العام الامريكي, كما ان الجمهوريين لن يقبلوا بافلاس الاقتصاد الامريكي.
وعن اثر الازمة على الاقتصاد الاردني, قال: ستبرز هناك تأثيرات مؤقتة لا تدعو للقلق او الفزع, إذ سبق ان حدثت ازمة مشابهة في عام 1995 ولم يدم تأثيرها سوى يوم واحد, إذ لم يقبل الجمهوريون بإعلان إفلاس الولايات المتحدة.
وزاد عقل انه سيبدأ الأثر المباشر لانخفاض قيمة العملة الامريكية على الدين العام الاردني, إذ سترتفع قيمة الدين المقوم بالعملات غير الدولار.
الخبير الاقتصادي الدكتور خالد الوزني يرى ان الاقتصاد الأردني سيتأثر سلبا بأزمة الديون الامريكية في حال عدم توصل الجمهورية والديمقراطية لحل للازمة, حيث سيتأثر الدولار وبما ينعكس سلبا على الدينار الأردني.
واضاف: ان المطلوب من البنك المركزي اعادة تقييم سعر صرف الدينار مقابل الدولار برفع القيمة, بما يخفف من حدوث اية تداعيات سلبية على الدينار الأردني, خاصة فيما يتعلق بالمديونية الخارجية للمملكة.
وأوضح الدكتور الوزني ان سياسة ربط الدينار بالدولار تحتاج الى دراسة وإعادة تقييم, ووضع سيناريوهات تكون جاهزة للتطبيق في حال حدوث اية تداعيات سلبية.
من جانبه يرى الخبير الاقتصادي الدكتور ابراهيم سيف انه من المبكر الحديث عن تداعيات سلبية لازمة الديون الامريكية على الاقتصاد الأردني, خاصة ان ما يحدث في واشنطن هي أزمة تدور بين قوى سياسية ولكن بالنهاية فإن أيا من الطرفين لن يقبل بانهيار الاقتصاد الأمريكي.
واضاف ان الظروف الحالية الصعبة على صعيد المنطقة والعالم يستوجب من الاردن والجهات الرسمية دراسة جميع الخيارات والبدائل لسياسة ربط الدينار بالدولار, بحيث تكون قابلة للتطبيق عند حدوث اية أزمة لاحقا.
الخطة الامريكية المطروحة
دحر مجلس الشيوخ الأمريكي الذي يسيطر عليه الديمقراطيون خطة طرحها رئيس مجلس النواب الجمهوري جوين بوينر وصدق عليها المجلس الذي يسيطر عليه الجمهوريون لرفع سقف الديون الامريكية.
وبحسب تقرير نشره الموقع الالكتروني ل¯ "BBC" بالعربية من المتوقع ان يطرح رئيس مجلس الشيوخ, السيناتور الديمقراطي هاري ريد, خطة بديلة يمكن للحزبين التصويت لصالحها, وذلك قبل الموعد النهائي في الثاني من آب.
وكان مجلس النواب قد صدق في وقت سابق الجمعة على مشروع قانون طرحه رئيس المجلس جون بوينر لرفع سقف الدين, وصدق المجلس على الخطة ب¯ 218 صوتا مقابل ,210 حيث صوت ضدها كل النواب الديمقراطيين اضافة الى 22 من الجمهوريين.
وتتضمن الخطة خفضا في الانفاق الحكومي يبلغ 900 مليار دولار.
وحث البيت الابيض اعضاء مجلس النواب بعد اجازة المجلس لمشروع بوينر الذي وصفه بانه وصل ميتا على بدء العمل بشكل فوري بشأن حل وسط لرفع سقف الدين.
وقال جاي كارني السكرتير الصحافي للبيت الابيض في بيان يتعين على الزعماء ان يبدأوا العمل معا على الفور للتوصل لحل وسط يؤدي الى تفادي التخلف عن سداد الديون ويضع الأساس لخفض متوازن للعجز.
وتعهد الديمقراطيون الذين يسيطرون على مجلس الشيوخ بإعاقة مشروع القانون لصالح زيادة في حد الدين تبلغ 2.5 تريليون دولار على المدى الطويل مع تخفيضات في الإنفاق تبلغ نحو 2.2 تريليون دولار.
وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد حث مواطنيه على الضغط على ساسة البلاد من أجل الخروج من المأزق الراهن بشأن عجز الميزانية.
وحذر أوباما من أن عدم حل المشكلة قد يفقد الولايات المتحدة تصنيفها الائتماني المرتفع, مما سيؤثر على كل الأمريكيين.
ولكن أوباما أعرب عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق قبل الثاني من آب, الذي تنتهي بحلول الفترة التي يمكن خلالها زيادة سقف الاقتراض الحكومي مما يمكن واشنطن من مواصلة سداد ديونها.
موديز تدرس خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة
وفي اول ردود فعل لمؤسسات التصنيف الدولية تدرس مؤسسة موديز للتصنيف الائتماني مراجعة الوضع الائتماني للولايات المتحدة واحتمال خفضه, فيما يتصاعد الضغط الشعبي على المشرعين الأمريكيين لرفع سقف الدين.
وبحسب تقرير نشره الموقع الالكتروني ل¯ "CNN" بالعربية قالت مؤسسة موديز للخدمات الاستثمارية إنها شرعت بمراجعة وضع الولايات المتحدة بالنظر للاحتمالات المتزايدة بعدم توصل الكونغرس الأمريكي لتسوية تقوم على رفع سقف الدين العام بحلول الثاني من آب المقبل, وهو ما قد يؤدي إلى عدم قدرة الولايات المتحدة على الإيفاء بسداد ديونها.
فإذا لم يتم رفع سقف الدين, فإن وزارة المالية الأمريكية لن تكون قادرة على دفع كل المستحقات اللازمة على الدولة بالكامل وفي الوقت المناسب من دون السماح لها باقتراض مزيد من الأموال, بحسب ما ذكرته الوزارة.
وتصنف موديز الولايات المتحدة بالتصنيف AAA, وذلك لأنها وقفت دائماً وراء ديونها ودفعت كل المستحقات عليها في الوقت المحدد, ولذلك فإن السندات الحكومية تعتبر أفضل استثمار في العالم وأكثرها أماناً.
وعلى خلفية هذا النبأ, ردت وزارة المالية الأمريكية سريعاً, وقال المسؤول بالوزارة جيفري غولدشتاين في بيان إن تقييم موديز يعد مذكراً لضرورة أن يتحرك الكونغرس سريعاً لتجنب الفشل في تنفيذ البلاد لالتزاماتها والموافقة على حزمة تخفيضات مهمة في العجز.
وكان الرئيس الأمريكي, باراك أوباما, قد طلب في أواخر حزيران الماضي, أعضاء الكونغرس بتجاوز أنانيتهم السياسية والقيام بأعمالهم من أجل التوصل لصفقة فيما يخص رفع سقف الدين الحكومي الفيدرالي الحالي والبالغ 14.3 تريليون دولار مع بداية شهر آب المقبل.
وفي الأثناء, حذر كبار المحللين الاقتصاديين من مضاعفات كارثية محتملة إذا لم يتم رفع سقف الدين بحلو الثاني من آب المقبل, بما في ذلك ارتفاع معدلات الفائدة بصورة كبيرة جداً, وانهيار الدولار.
وهاجم أوباما أعضاء الكونغرس الجمهوريين لرفضهم دراسة فكرة زيادة الضرائب على الأمريكيين الأثرياء كجزء من أي صفقة.