في الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات ونبدأ بالتحول من مستوى الحوار الجاد والبناء لمعالجة قضية وطن ، وفي الوقت الذي إنتقل فيه الموقف من التشاور كما يجب أن نفعله ونكون شركاء حقيقيون للوصول بالمركب إلى بر الأمان . وفي الوقت الذي بدأت فيه الثقة تتلاشى بين الحكومة ولا أقول المواطن بهذا الشأن ، ولكن مع قطاعات الأنشطة الإقتصادية.
يجب أن ندرك جميعاً أن مرحلة الإملاءات ولت إلى غير رجعة ، فقد توارت الفترة التي كانت الحكومة في الأردن لها دور في الفعاليات الإنتاجية والخدمية ، فقد إنتقلت بموجب التطورات الإقتصادية وبرامج التخاصية إلى الدور الإشرافي الرقابي فقط.
وأخذت على عاتقها القطاعات الإقتصادية ، هذا الدور المهم والذي دفع البلد إلى التطور والرقي ، وساهم في خلق تنمية حقيقية على الأرض . وأصبح لهذه القطاعات الإقتصادية وجود محلي وإقليمي وطني في الأسواق الدولية ، ولا نقلل من دور الحكومة بهذا الشأن أيضاً وهي تقوم بواجبها من خلال المساعدة في الإتفاقيات والتعاون الدولي. ونتمنى اليوم وبهذه المرحلة الدقيقة جداً بمواجه العديد من المواقف والتي تتطلب من الجميع التفكير بعقلانية وبعد نظر إبتداءً من الحكومة بمختلف مستوياتها ، وبالفعاليات الإقتصادية ، وإنتهاءً بالمواطنين.
نحن لا نرى أن الوقت مناسب لا من الناحية السياسية والأمنية داخلياً وإقليمياً مناسبة لإجراءات جديدة من الحكومة تتعلق برفع الضرائب أو إزالة الدعم أو رفع الأسعار أو زيادة ضريبة الدخل فإن إستقرار البلد والمواطن أهم من تحصيل العجز في الموازنات وأهم من بعض المشاريع التي لو قدر أن يعاد صياغة الأولويات لأصبحت في ذيل قائمة الأولويات. ولا ننسى أن معظم هذه الإجراءات التي إتخذتها الحكومة أو تنوي تنفيذها في القريب سؤثر بشكل كبير على بيئة الإستثمار الذي يسعى جلالة الملك بتحسين صورته لجلب المزيد منه.
ولكن الإجراءات الحكومية تعتبر الخطة التنفيذية لتوصيات جلالة الملك تعكس الصورة تماماً فكم من الشركات والمصانع غادرت البلد بسبب ذلك ، ونقول أن هذه الإجراءات المتوقعة ستكون كارثية على القطاع الإقتصادي بجميع مكوناته وعلى المواطن المستهلك الذي لم يعد يقوى على تحمل المزيد ، فالجوع كافر كما يقول المثل ، والمستهلك بدأ يتململ...
ونحن في قطاع الدواجن أحد القطاعات الإقتصادية الحيوية التي توفر سلع غذائية مهمة للمواطن وبأسعار معقولة جداً طوال العام ، ولا تعتمد من الدولة على أي دعم لأي من مدخلات الإنتاج ، ومع التوضيح بأن هذا القطاع ومنذ عاميين يتعرض للخسائر المتلاحقة ، لعدة أسباب أولها ضعف القوة الشرائية للمواطن الذي أثقلته إرتفاعات الأسعار المتكررة ورفع الدعم عن العديد من السلع ، وعدم زيادة رواتب العاملين منذ عدة أعوام ، وثانيها منافسة البضائع المستوردة للمنتج الأردني ، فمثلاً الدجاج المجمد والتي تسمح الدولة بإستيراد كميات كبيرة منه سنوياً وصلت في عام 2016 إلى حوالي ستين ألف طن في الوقت الذي يغطي فيه الإنتاج المحلي حاجة المستهلك بالكامل ، والكل يعلم بأن المستورد منه يأتي مدعوماً من بلده للتخلص من المخزون الفائض عن حاجة سوقهم للمحافظة على أسعارهم واسواقهم لنستورده نحن لندمر قطاعنا المنتج ونخرج المزارع المسكين من مزارعه ومن الحلقة الانتاجية ونكبدهم خسائر تجعله وعائلته تلتحق بركب العاطلين عن العمل .
ومع تقديرنا لموقف دولة رئيس الوزراء ، ومعالي وزير الزراعة ووزير الصناعة والتجارة والتموين ووزير المالية بأن رفع ضريبة المبيعات لن يطال بيض المائدة أو لحوم الدواجن ، ولكننا نريد وقفة واضحة بأن لايكون هناك أي زيادة على مدخلات الإنتاج لأنها في النهاية ستنعكس رفعاً على أسعارها وتجعلنا نقف موقفاً واضحاً مع جميع القطاعات الإنتاجية والإقتصادية ، برفض أي زيادة على مدخلات الإنتاج والسلع ونذكر بهذا الصدد بأنه لم يمضي عام على تعديل ضريبة المبيعات ، فأي نظام إقتصادي مستقر في الدنيا بفعل ذلك....سؤال برسم الإجابة.