يجد مجلس النواب نفسه في مطلع الدورة الاستثنائية وقد ألقيت في حضنه على عجل كرة الكازينو الملتهبة التي تخص رئيس الوزراء الحالي، وقبل أي من الملفات التي تحقق فيها لجان نيابية.
في جلسة اليوم يتحول المجلس إلى دور النائب العام الذي يصدر قرار الاتهام، وهي تجربة تعد الأولى من نوعها بالنسبة للنواب الجدد الذين يشكلون أغلبية المجلس، لا بل إنها الأولى من نوعها بالنسبة لجميع أعضاء المجلس إذا أخذنا بالاعتبار أن الطرف المعني فيها هو رئيس الوزراء العامل إلى جانب عدد من وزراء حكومته السابقة العام 2007، بل إن بعض صيغ الاتهام قد تشمل جميع أعضاء الحكومة الذين وقعوا على اتفاقية الكازينو.
هذه أول مرّة يجد المجلس نفسه أمام قضية توجيه الاتهام إلى رئيس وزراء عامل، حتى لو أن القضية تخص حكومته السابقة. وهناك شيء من البلبلة وأجواء من التوتر؛ فالبعض يخشى أن وراء الأكمة ما وراءها وأن القضية تمّ استلالها في سياق حرب تكسير عظام وتصفيات غير البحث عن الحقيقة ومكافحة الفساد! وحتى مساء أمس، لم يكن النواب، باستثناء أعضاء اللجنة، قد اطلعوا على التقرير الذي تقرر توزيعه في ساعة متأخرة، وبالتالي لم يتمكنوا من تكوين قناعات محددة.
هناك قناعة أساسية أن الرئيس ليس فاسدا ولم يوقع اتفاقية الكازينو لأي منفعة خاصّة، إضافة إلى الشكوك أن التفاهم على المشروع قد تقرر في مكان آخر غير الإطار الحكومي. وأيا يكن نصيب هذا الكلام من الصحّة فهو لا يخلي مسؤولية الحكومة، ولجنة التحقيق النيابية لم يكن لديها طريق للذهاب خارج أطر القرار الحكومي، وهي لم تصل أبدا إلى اكتشاف فساد مالي ورشى، بل فقط أخطاء في القرارات وخلل في الإدارة، مثل اعتراف وزراء بالتوقيع على الاتفاقية في حينه من دون قراءتها. وعليه، فالاتهامات ستقتصر على الإخلال بواجبات الوظيفة والإهمال وما إلى ذلك، وحسب رأي بعض القانونيين فهي قد تكون مشمولة بالعفو العام!
الرأي العام يتوق إلى الإمساك بقضية فساد كبرى، والقبض على من قبض الملايين من وراء الفساد، كما هو الحال مع الشبهات في بعض وقائع الخصخصة والرخص والمقاولات. وكان المأمول في هذه القضية أن نضع اليد على قضية فساد واضحة، لكن ها نحن أمام أخطر قرار اتهام محتمل لكن موضوعه الإهمال والإخلال بالواجبات الوظيفية، أي إن العاصفة ستجري في المطرح الأقلّ أهمّية بعيدا عن المواقع التي يفترض أن تجتاحها في سياق مشروع الإصلاح الشامل.
كنّا نفضل الاطلاع مبكرا على التقرير لنتدارس كفاية ما أنجزته اللجنة، فربما كنّا سنقرر توسيع التحقيق وتعميقه، وفي كل الأحوال بلورة قناعات يرتاح لها الضمير، لكننا سنذهب إلى الجلسة الاستثنائية الأولى من نوعها مليئين بالحيرة والشكوك حول المساحة الأوسع لحقيقة ما حصل.
جميل النمري يكتب : جلسة استثنائية في دورة استثنائية
أخبار البلد -