اخبار البلد - كتب عمر شاهين - وزع مجهولون قاموا بإعطاء بيان غير معروف المصدر لمجموعة من الأطفال في مسجد ابن تيمية احد اكبر مساجد لواء الهاشمية –13 كم شمال الزرقاء وبعض المساجد الأخرى. نشرت فيه معلومات دينية أثارات الحيرة والارتباك بين المصلين .
فقد وقف مجموعة من الأطفال يوزعون البيان بعد انتهاء الصلاة وخروج الناس حيث يعتبر هذا الوقت فرصة كبيرة لتوزيع المنشورات الدعائية ، يقوم المواطنون برمي تلك المنشورات بعد الاطلاع عليها، ويحتفظون بالدينية منها والتي توزع نادرا وتحوي في العادة تشجيع على صيام النوافل، وتوقع المصلون أن البيان يحوي نصائحا دينية ،إلا أن كلمة تحذير أثارت الفضول ، والتوقع أنها تنبيه من بعض المخالفات الدينية.
وت
المنشور احتوى على تحذيرات في علم العقيدة وخلافات الفرق، وهو أمر غير معتاد في منطقة لا تعرف مناظرات وخلافات دينية . ويلتزم معظم سكانها في عقائد التفويض البسيطة ، ولا يدخلون في قصص الخلافات والتضليل، وكذلك شيوخ المساجد، حتى أن المنطقة بأكملها والتي يغلب عليها الطابع القروي، لا تعاني من نشاط سياسي ديني أو حزبي، بالرغم من وجود جمعية مركز اسلامي، وبعض المساجد ذات الحضور السلفي كما يظهر في اللباس الخاص بهم. إلا أنهم ينعزلون على بعضهم ولا ينشرون الدعوة الخاصة بهم إلا في العموميات، وهناك بعض المراكز الدينية التابعة للاشاعرة والصوفية المعتدلة.
وطوال أسبوع من تاريخ توزيع البيان وأنا أتلق أسئلة حول هذا البيان الذي لم يحوي في مقدمته أو خاتمته الجهة أي إشارة للجهة التي طبعته تنشره، ويبدوا انه طبع من طابعة حاسوب عادية، وخط باللون الأزرق، في ورقة واحدة مطبوع على جهتيها، ومن خلال الديباجة عرفتن بأنها من مصدر يعود إلى المنهج السلفي، حيث ذكر الآيات والأحاديث التي تنشر في مقدمة بياناتهم وخطبهم دائما، كذبك في ذكر المراجع التي ذكرت، وتوضح من خلال قراءته أن كاتبه سلفي بشكل واضح، ومن هوجم في البيان أيضا سلفي.
استهل البيان التحذير من فرقة المرجئة، وسرعان ما بان الهدف من المنشور وهو مهاجمة علماء السلفية المعتدلة وكتبهم، وهما الشيخان علي حسن الحلبي ومراد شكري. من رموز السلفية ، ومن شيوخها الإشكالين في الأردن.
وبعدها على مدى صفحة وربع نقل كاتب البيان استدلالات ضد الفرقة والمراد أن ينسب المرجئة إلى الحلبي وشكري وكتبهما .
ورد عليهما بنقل فتاوى تهاجم المرجئة وأرقام فتاوى من السعودية تحرم قراءة كتب الحلبي وشكري.
وبعد تحليل سياسي أجريته على المادة ، توضح لي أن المرجئة فرقة خاضت في أمور القدر، وسعى كاتب المنشور إل نسبها عقيديا إلى الحلبي وشكري . وقصد هنا أنهما يبرران أحداث أفعال الحكومات إلى إرادة الله وتبرير ما يحدث بأنه نوع من القدر، وبعيدا عن الخلافات العقيدية وأدلة الأصول في مناقشة الفكرة وضلالتاها وبراهينها، فهذا موجود لدى علماء العقيدة.
ومن الممكن أن زج الخلافات العقيدية ونشرها بين المصلين له علاقة ي خلافات مجموعة من السلفيين مع الحلبي وشكري لأنهما يكثران من الدفاع عن الحكومات العربية.
وزاد الخلاف مع بداية الأحداث الليبية حيث خرج الحلبي على قناة فضائية هاجم بها الثورات العربية واتهمها بأنها تصنع الفتن، مما ألب عليه العديد من الكتاب وكانت صحيفة السبيل قد نشرت هجوما واسعا ضدها بعد تعرضه لنقدها واستدل كتابها على أدلة عقدية وسياسية.اتهموا بها الحلبي بالتواطؤ مع أنظمة الحكم القمعية.
ويبدوا أن السلفيين يريدون مهاجمة الحلبي ليس من وجهة نظر سياسية بل بالتشكيك العقيدي، وهذا أسلوب متعارف لدى التبشير السلفي استخدمه الحلبي وخصومه في نشر عقائدهم البسيطة وسهلة النقل والحفظ.
وتخوف العديد من الناس أن تنصع هذه البيانات خلافات دينية تنعكس على الناس، سيما ان الثورات العربية التي قادها شباب معتدلون فكريا ليس لهم مرجعيات دينية غابوا عن الساحة وظهرت التيارات الاخوانية والسلفية كما في مصر وتونس ، ويتوقع كذلك في اليمن.
فمع أن الثورات الشبابية في كل البلاد العربية خرجت من علمانيين ونقابين وقوميين إلا أن ثوراتهم خطفت لصالح الحركات المتشددة، التي تعتبر اقرب عاطفيا لقلوب الناس، وما زال مصطلح غزوة الصناديق التي استعملها احد شيوخ السلفية في مصر تثير الرعب في قلوب الشعب الذي عاش عقود من الاعتدال الديني تحت ظل الظلم السياسي ، ويخشى ايضا ان يحل العنف الديني مكان الفساد السياسي.
وعودة الى الهاشمية فلم يتبين لنا طوال الأسبوع مصدر هذه البيانات إلا أن لغتها ومقدمتها والمراجع التي ذكرت فيها وضحت أنها سلفية المصدر.