انجاز قانوني نقابة المعلمين والبلديات بداية ستبعث على الثقة .
تبدأ غدا اعمال الدورة الاستثنائية لمجلس النواب. بالمعنى السياسي الدورة استثنائية ايضا, فهي المحطة الاولى التي ينطلق منها قطار الاصلاح, وستتبعها محطات اخرى استثنائية قصيرة, و"عادية" طويلة لاقرار حزمة متكاملة من الاصلاحات الدستورية والسياسية. على اجندة "الاستثنائية" رزمة قوانين تزيد عن العشرين, لن يستطيع المجلس بكل تأكيد انجازها كلها, لكن بعض التشريعات تأخذ صفة الاستعجال نظرا لارتباطها باستحقاقات غير قابلة للتأجيل, مثل قانون البلديات الذي ستجرى على اساسه الانتخابات قبل نهاية العام الحالي, والقانون المعدل لقانون المالكين والمستأجرين الذي يشكل تعديله امرا ملزما لكافة الاطراف.
ابرز قوانين الاصلاح السياسي المدرجة قانون نقابة المعلمين, واقراره يعني خطوة جبارة على طريق بناء تجمع نقابي لاكبر شريحة في المجتمع.
العامل الحاسم في انجاز تلك التشريعات هو طبيعة العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية, ومدى التناغم بين النواب والحكومة, ففي دورات نيابية سابقة كانت التشريعات ضحية للعلاقة المتوترة بين السلطتين, وكثيرا ما ادت المناكفات الى الاطاحة بفرص اصلاح بعض القوانين.
والمؤسف ان مثل هذه الاجواء تسود الان بين الحكومة والنواب, حيث تظهر في الافق بوادر ازمة ستلقي بظلالها على جلسات الدورة الاستثنائية. ويزيد من مخاطر الصدام بين السلطتين ادراج ملف "الكازينو" على جدول اعمال الدورة. صحيح ان رئيس الوزراء صمم على مناقشة الملف في "الاستثنائية" املا بطي الملف الى الابد ورد الاتهامات الموجهة لحكومته الاولى, لكن ما تسرب من معلومات عن لجنة التحقق النيابية يعطي الانطباع بأن المناقشات ستكشف عن مفاجآت غير متوقعة, ويبدو ان هناك فريقا من النواب يسعى لتصفية الحساب مع رئيس الوزراء والاطاحة بحكومته.
لقد ظهرت حكومة البخيت مرتبكة في ادارة ازمات سابقة, ويخشى ان تخفق مرة اخرى, فتغرق في ازمة "الكازينو" وتأخذ معها قوانين الاصلاح.
المسؤولية لا تقع على عاتق الحكومة وحدها, فالنواب مطالبون بسلوك مسؤول, وتغليب المصلحة العامة على الحسابات الضيقة, واذا فشلوا في انجاز تشريعات تلبي طموح الاردنيين في الاصلاح, فإن الشكوك ستثور حول قدرتهم على الخطوات المتقدمة خاصة تعديلات الدستور وقانوني الانتخاب والاحزاب في مرحلة لاحقة.
بعض التشريعات المعروضة كانت مطلبا نيابيا وشعبيا خاصة قانون نقابة المعلمين, ولذلك لا يوجد اي مبرر لتعطيله او تأجيله, واقراره سيكون انجازا للجميع, ويحسن من رصيد النواب والحكومة المتواضع عند الرأي العام.
وعلى اجندة "الاستثنائية" تعديلات مقترحة على قوانين المطبوعات, وهيئة مكافحة الفساد, والعقوبات تستدعي وقفة متأنية لضمان عدم فرض قيود على حرية الاعلام او كبح جماح سياسة مكافحة الفساد بدعوى محاربة الإشاعات واغتيال الشخصية.
"الاستثنائية" دورة مكثفة لا تزيد مدتها عن شهر, ينبغي استغلالها لانجاز التشريعات الضرورية وعلى أمل ان تكون فاتحة خير لصيف الاصلاحات في الاردن.
نحترم وندعم حق النواب في كشف ملابسات ملف "الكازينو" ومحاسبة كل مقصر او فاسد, لكن لا نريد لعملية الاصلاح ان تكون الضحية على طاولة "الكازينو".