وعندما يقول العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني لنخبة من المستشارين العاملين على ملف الاصلاح الوطني بأن بامكان القوى الفاعلة في المجتمع الحصول على البرلمان والحكومة بشرط التوافق على اليات ادارة وحكم عصرية وعادلة.. عندما يحصل ذلك يظهر القصر الملكي مرونة ناضجة في التخلي حتى عن بعض الصلاحيات الدستورية والواقعية مقابل اطلاق عملية حوار وطني اصلاحي.
وذلك يعني بأن مؤسسة القصر تبدو مستعدة للتخلي عن بعض الصلاحيات مثل تشكيل الحكومة واختيارها ومستعدة لتفعيل مبدأ برلمان حر ضمن نظام برلماني حقيقي وعملية سياسية مستقرة اذا توافق المعنيون على مبادئ جديدة لادارة الدولة.
ووفقا لتسريبات وصلت 'القدس العربي' من مصادر مباشرة فقد تلمست شخصيات عامة وجود 'اجواء جديدة' في اروقة واوساط القرار الرفيعة تسمح بتعديلات دستورية حقيقية تنطوي على تغيير في حزمة الصلاحيات وهو تطور مهم واستثنائي في الحياة السياسية يدفع العملية الاصلاحية الى الامام كما يلاحظ النائب اليساري جميل النمري.
ويبدو في السياق ان اضواء خضراء ملكية صدرت فعلا خلال الاسبوعين الماضيين وبعد سلسلة حوارات في الغرف الاستراتيجية المغلقة تمنح قوى اساسية في النظام والمعارضة الفرصة للاستعداد لنمط جديد من التحولات في سياق ثورة اصلاحية عبر تعديل نصوص الدستور هذه المرة وليس فقط عبر توصيات اللجان الاستشارية.
وعند التفاصيل يمكن الاستماع للملك شخصيا وهو يعرب عن تمنياته بوصول تجربة التعددية الحزبية في بلاده الى مستوى وجود ثلاثة احزاب او تيارات حزبية قوية وصلبة في الساحة تتداول السلطة.
وهنا تحديدا ثمة ملاحظات ملكية تدفع باتجاه تعديلات قانونية ترفع عدد مؤسسي الاحزاب لنحو 20 الفا وتظهر الانزعاج من توجهات لجنة الحوار الوطني لتقليص عدد مؤسسي الاحزاب عند ترخيصها، فالملك كما يتردد يريد مضاعفة عدد المؤسسين وليس تقليصه.
والاهم ان اللجان الاستشارية حصلت على الضوء الاخضر للعمل على تكريس مبدأ حكومة الاغلبية البرلمانية بحيث يختار مجلس النواب الحكومة وليس القصر فقط ومن المهم الاشارة الى ان الحزمة الجديدة من التشريعات الاصلاحية ستمدد ولاية البرلمان وتعزز التشابك بين السلطتين والاكثر اهمية ستسمح بانتخاب على اساس القوائم الوطنية وستحصر تماما ظاهرة القوانين المؤقتة وتقيدها فقط بحالات الحرب والكوارث مما يعني تقييد صلاحيات حل البرلمان اصلا وحياة برلمانية دائمة ومتواصلة.