اقلب الصفحة
في محاولة منا لتجاوز أخطائنا وعثراتنا ، دون حلها والقضاء على تفحلها وجذورها ، نستعمل في حياتنا عبارة " اقلب الصفحة " ، في بعض الحين نضيف لهذه الجملة عبارة أخرى لتصبح الجملة ككل ،
" اقلب الصفحة وافتح صفحة جديدة "
في أول عملية مداهمة قام بها والدي ضبطني حينها وأنا أدخن سيجارة " فرط " ، ونتيجة " خماسي " وقع على وجهي على حين غفلة مني ، وعدت والدي أن تكون آخر سيجارة ووعدته أيضا أني " ما رح اعيدها " ، ورجوته أن يقلب هذه الصفحة ويفتح لي صفحة جديدة ، فعلا فتح لي والدي صفحة جديدة ، ثم فتح صفحة اخرى وثانية وثالثة ...ألخ ، لكنهن صراحة لم يختلفن عن الصفحة الأولى أبدا .
حتى جارتي " سميرة " ، منذ أن عرفتها وهي تقلب صفحات ضرب زوجها لها وتفتح له صفحات جديدة ، أتذكر أن أول صفحة قلبتها بعد " الكتلة " التي اكلتها من زوجها بعد أول جمعة لزواجهم ، والآن ما شاء الله لديها ثلاثة أبناء أكبرهم في الصف السادس ابتدائي ، وما زالت مثابرة على اغلاق وفتح صفحات مثيلة للصفحة الاولى .
مسألة قلب الصفحة وفتح واحدة جديدة لا تخرج عن أمرين :
الأول : أما طيبة ، فوالدي قد يقسو على نفسه لكنه لا يقوى على القسوة علي ، واجزم بأن ذلك " الخماسي " بقدر ما آلم خدي وقتها آلمه ، وآلم تلك اليد الحنونة أيضا .
الأمر الثاني : قد يكون " هبل " ، بصراحة " سميرة " هبلة " ، فقد كان عليها أن تضع حدا لزوجها منذ أول " كتلة " تناولتها لا أن نستمر وتسمح لزوجها بالتمادي .
في الحقيقة ... نحن مفطورين على مبدأ الصفحات المقلوبة والمفتوحة ومعتادين عليها بالغريزة .
فكم صفحة لمدير .. لرئيس مجلس ادارة ...لمسؤول .. لوزير .. لحكومة .. أغلقنا ، وعدنا لنفتح لهم صفحة جديدة اما بناء على طلبهم او من تلقاء انفسنا .
كم دمعة محيناها ورجعنا ذرفناها ، كم جرح دمل ثم فتق ..
خلينا بالصفحات .. كم عددها يا ترى ؟!
بالمختصر ... " دفاترنا .. أبتخلصش " .
المحامي خلدون محمد الرواشدة
Khaldon00f@yahoo.com