دور المغترب في الإصلاح
لكي لا نكتفي بالمواعظ والتحليل والكلام فالكلّ يجب أن يعرف موقعه في عمليات الإصلاح الجارية على قدم وساق في الدول العربية ومنذ ان بدأ الحراك الشعبي بعيد حريق البوعزيزي والشباب المنتفض يعلن وما زال أن الحركات لها طابع سلميّ ولكن نظرا لتعنّت بعض القادة وتمسكهم بالعنف وتمعنّهم بالقتل تحولت تلك الحركات إلى دمويّة وساهم في ذلك مؤثرات خارجيّة إقليميّة ودوليّة وبعض القادة إختصروا بعد ان تسببّوا بالقتل وتنحّوا أو فرّوا هاربين الى خارج بلدهم وبعض القادة ما زال يقاوح المتمردين على الظلم أملا في البقاء وهذا بعيد المنال .
وأما النخبة من القادة فهم من إعتبر الإصلاحات مطلب قيادي وشعبي وسارع إلى اتخاذ خطوات إصلاحيّة وما زال يتلمّس مطالب شعبه ليلبّيها ويعمل على خطوط إقليميّة ودوليّة لتوفير الإمكانات اللازمة لتلبية تلك الطلبات ومثال ذلك الاردن وخطوات الملك الحثيثة بهذا الخصوص ولكن هذه الخطوات بحاجة إلى وقفة تضامنيّة من الحكومة والشعب وحتّى الان الحكومة تتخبّط في تجانسها الغير متوفّر كما يبدوا خاصّة في غياب مجلس نيابي فاعل سواء اثناء إنعقاد دورته أو عطلته .
وبالتالي فإن دور الشعب هو الذي يعطي للإصلاح الذي يقوده جلالة الملك زخما وقوّة نحو النجاح والوصول إلى حالة الإستقرار الإقتصادي والتوازن المالي للسير نحو النموّ والتنمية المستدامة في البلد .
وفئات الشعب بكاملها يجب أن تتضامن وتعزّز التكافل الإجتماعي من خلال إيمانها بأن مكسب الشخص يتحقّق من خلال مكسب المجتمع مع وجود نسب تفاوت بسيطة تعود للمثابرة والتميّزوالإبداع كلّ في مجاله
فكما أنّ لموظّفي المؤسسات المستقلّة والشركات التابعة للدولة وموظّفي القطاعين العام والخاصّ أدوار هامّة يلعبونها من خلال الصبر والمثابرة والإيثار وكذلك هم اصحاب الرواتب الفلكية والكبيرة نسبيا .
فإن للأردنيون المغتربون في أصقاع الدنيا لهم دور كبير جدّا وهامّ في عمليات الإصلاح الجارية في وطنهم الأم والمقصود هم المغتربون والمهاجرون من وطنهم إلى أوطان أخرى مهما طالت فترة غيابهم وهجرتهم ومهما كانت أوضاعهم في تلك ألاوطان ويستطيعون المساهمة بالنزر اليسير ولو بنسبة قليلة ومن يستطيع المزيد فهذا خير .
وحيث أنّ هذا أقلّ القليل إلاّ أنّ المشاركة نفسها في بناء الوطن الأجمل يولّد شعورا وإحساسا لدى المغترب أنّه يساهم في بناء الوطن له ولأبناءه وأقاربه
ويجب مأسسة هذه المشاركة من خلال مساهمة كل عامل أردنيّ خارج الوطن بنسبة لا تقلّ عن 5% من دخله الشهري بأي مؤسسة أو شركة ونسبة 10% من أرباح أي شركة مملوكة لأردنيون خارج الوطن ويجب أن تعمل الحكومة على وضع آلية لتنفيذ ذلك بشكل رسميّ وبالتعاون مع الدول المستضيفة لأولئك الأردنيون بشكل إلزامي أو من اصل أردني بشكل إختياري ويكون ذلك من خلال السفارات الأردنية تلك السفارات التي لنا عليها عتب أحيانا كثيرة .
ومع أن المغتربين عامّة وفي دول الخليج خاصّة واجهوا ومازالوا يواجهون التداعيات والآثار السلبية من الأزمة الماليّة العالميّة والتي يتأمل جميع المغتربون أن يتعافى منها الأقتصاد العربي خاصّة في بلاد الإغتراب ليزداد عدد المغتربين الأردنيون العاملون في الخارج وتزداد قيمة تحويلاتهم للوطن من العملة الصعبة للمساهمة في زيادة الدخل القومي للوطن الأغلى .
ولكنّ تلك الأزمة يجب ان لا تكون مبررا للتقاعس عن خدمة الوطن حين يدعو الداعي لذلك فتلبية نداء الوطن والعشيرة وإن لم يجاهروا بذلك ليس أقلّ ضرورة من مستلزمات حياتيّة أخرى مثل الأكل والترويح عن النفس .
والمعترب يجب أن لا يعتبر ذلك منًيّة أو فضلا يتفضّل به وإنما ذلك واجب ودين في رقبته يقوم بسداده حيثما واينما يلزم فللوطن علينا أفضال كثيرة لا يمكن سدادها جميعا ولكنّ سداد الجزء خير من لا شيئ .
ونحن كمغتربين نشعر أنّ أي إصلاح سيعود علينا وعلى اهلنا بالخير والصلاح وأول قطرات الغيث هذه الخطوات المتتالية لإنضمام الأردن لمنظومة دول مجلس التعاون الخليجي التي نأمل أن تعود على شعوب دول المجلس السته والشعب الأردني بالكثير من الخير والبركة .
وموسوري الحال من الاردنيين المغتربين كُثر بحمد الله ويستطيعون المساهمة في التغيير والإصلاح لما فيه تنمية وتطوُّر بلدهم لينالوا رضى ربًهم ومحبّة الناس وربعهم .
ومع اننا كأردنيين مغتربين نشعر بإحباط شديد نتيجة إستشراء الفساد في الوطن الغالي بالرغم من توجيهات جلالة الملك للحكومات بإجتثاث تلك الآفة من المجتمع الأردني إلاّ اننا لم نلحظ اي تقدّم او نتائج ملموسة ودعائنا لله أن يخلصنا من هذه الآفة اللعينة وينظف بلدنا من الفساد والفاسدين .
قال الله تعالى : " وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين " [ القصص : 77صدق الله العظيم
يقول الله تعالى : وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ .( سورة التوبة ، الآية 71.)صدق الله العظيم
المهندس احمد محمود سعيد
دبي – 7/6/2011