قد لا يفيد اتهام الصحافة والتركيز على الأقلام المشككة رئيس الوزراء الأردني معروف البخيت بشيء إذا كانت الملاحظة التي تحدث عنها الكاتب الصحافي الخبير ماهر أبو طير دقيقة حول أسباب ومبررات تأخير صدور الإرادة الملكية التي تصادق على استقالة أو إقالة وزيرين بارزين في الحكومة نهاية الأسبوع الماضي.
وحدود هذا التأخير لا تعني فقط بأن كلا من وزير العدل حسين مجلي والصحة ياسين الحسبان لم يستقيلا بعد من الناحية القانونية من موقعيهما بل تمتد لتشمل التباسا وغموضا في مصير ومستقبل حكومة البخيت برمتها خصوصا بعدما عكست الصحافة التي أكثر الرجل من انتقادها مؤخرا مشاعر الرأي العام بأن المناورات الحكومية فشلت ولا زالت تفشل في احتواء الجدل المتعلق بقضية رجل الأعمال خالد شاهين وسفره للخارج للعلاج بنفس الدرجة التي يستمر فيها تفاعل القضايا الأخرى المثير للخلاف.
ورغم ان نقابة المهندسين الزراعيين دعت البخيت السبت لرعاية حفلها بمناسبة عيد الإستقلال إلا ان الرجل قرأ وهو يدخل مقر النقابات لافتات لأطباء تطالبه بالرحيل فيما كتب المحلل السياسي فهد الخيطان ما يشير لصعوبة تصديق الرواية التي تقول ان وزير العدل في الحكومة إستقال بسبب اكتشاف التقارب بين سياسة الحكومة وسياسة الولايات المتحدة في المنطقة ملمحا لإن المسؤولية الأدبية في قضية شاهين أو غيرها لا تشمل الوزيرين فقط بل الجميع.
وكان البخيت قد شهد لاحقا بنزاهة وكفاءة الوزيرين المستقيلين من فريقه لكنه قال ان خروجهما له علاقة بالمسؤولية الأدبية فيما لاحظ أبو طير بأن عدم توشيح الإستقالة بالإرادة الملكية كما تنص القوانين قد يعني شيئا ما لم توضحه بعد السلطات المختصة، الأمر الذي يؤشر على ان الإستقالة لم تسكت الرأي العام خصوصا بعدما أعلن شاهين بأنه سافر من البلاد بعلم رئيس الوزراء البخيت.
لكن في الأثناء وجد البخيت الفرصة سانحة لتكثيف الهجوم على الصحافة حصريا طوال الأسبوع الماضي باعتبارها تتحمل مسؤولية مظاهر الفوضى على أمل ان يخفف ذلك من تعرض الصحافة لحكومته وتعاملها مع الأخبار السلبية التي تزيد من ضعف الوزارة شعبيا علما بأنه حدث العكس تماما فحتى في الصحف التي يعتبرها البخيت رصينة نشرت مقالات لا تشتري روايات الحكومة في أكثر من ملف وقضية.
ورغم ان البخيت حاول الإيحاء بأن إقالة وزيرين في فريقه لها علاقة بأخطاء ارتكبت في قضية شاهين إلا ان كلا من الحسبان ومجلي نفيا علنا وعدة مرات أن تكون لهما أي علاقة بالقضية من أصلها وهي قضية يمكن بوصوح ملاحظة انها تتضخم بشكل مقصود ويزيد من تضخمها غياب رواية حكومية محبوكة ومقنعة لما حصل.
وهذا الوضع الملتبس دفع نخب السياسة والبرلمان نهاية الأسبوع للغرق مجددا في السؤال التقليدي الموسمي المتكرر بعنوان: من سيخلف البخيت في رئاسة الوزراء ؟.. هذا السؤال يطرح مبكرا هذه المرة وجرت العادة ان يشكل بداية التغيير الوزاري في العادة خصوصا وان الملفات تفلت من وزارة البخيت وتخرج عن السيطرة وسط إجماع المراقبين بأن الوضع صعب للغاية.
وبنفس التوقيت يبدو ان الإعتصامات والإضرابات لم تعد تهدأ في البلاد فبعد سكوت حراكات الشارع السياسية عادت للأجواء الإعتصامات المطلبية في بعض المؤسسات، فقد جدد العاملون في جامعة مؤتة إضرابهم أمس وتعطل على نحو مفاجىء العمل في مناجم الفوسفات بعد دخول العاملين في حالة إضراب كما تجمع مئات المتقاعدين العسكريين في مدينة الكرك جنوبي البلاد مطالبين بمساواتهم بالمتقاعدين الجدد من حيث الرواتب.