اخبار البلد _ لن ينتظر الأردنيون طويلا على الحكومة التي لا تعمل، أو المترددة، وقد يسقطونها من مشاعرهم، وحساباتهم، حيث لا توجد مكانة خاصة في قلب الشعب لحكومة سوى بالعمل والانجاز، وإراحة بال المواطن، والتجاوب مع مطالبه العادلة، وحقوقه الدستورية، وهو درس يجب أن تعيه الحكومات قبل أن يتجاوزها الشارع عندما تغدو مدعاة للعجز، والإحباط. والحكومة ليست وطنا كي يراعى ظروفها، أو أن يصار إلى إحاطتها بالمشاعر الشعبية خوفا على البلد، والاستقرار. والمعاملة التي يبديها الأردنيون إزاء النظام لا تنسحب حكما على الحكومات التي إما أن تعمل إحداها أو أن تتفضل وتخلي مكانها لحكومة أكثر قدرة منها على العطاء ، وتريح نفسها وتريح الأردنيين من عناء الانتظار والتطلع إلى ظروف أحسن، ومن ثم يدخلون في موجة من الإحباط تؤثر على الحياة العامة برمتها. ولا ادري ما الذي يمنع حكومة تتمتع بالتفهم لأحقيتها بالعمل، وإعطائها الفرصة كي تبرز انجازاتها، وذلك لتشرع في التعامل مع مطالب الناس اليومية، ومشاكلهم، وهي التي يقف من خلفها نظام سياسي حافظ على استقراره في أصعب الظروف الإقليمية، ولماذا تظل نفس الإشكاليات قائمة، ومطالب الأردنيين البسطاء عالقة، والمحافظات تعاني ذات الإهمال، ويتولد الاحتقان غير الضروري على خلفية ممارسات رسمية غير مبررة، ومنها ما يتعلق بتأخر الوزراء عن لقاء جماهيري مما يثير سخط الناس، ويشعرهم بالاهانة. ولا تلمس وجود جدية في متابعة القضايا اليومية للمواطن، وينتفي وجود تراكم للانجازات بقدر ما هو تراكم للمطالبات العالقة التي يمكن التعامل معها فيما لو وجد الاهتمام الكافي، فهنالك فرق بين من يخصص الوقت، والجهد لحل الاشكاليات التي تعترض حياة الناس على وجه السرعة، والتفرغ للتعامل مع القضايا أولا بأول، وبين من يترك القضايا الصغيرة كي تتراكم وتشكل قضية عامة كبيرة تصلح لتجييش الشارع وحقنه بموجة من الغضب، والعنف. ويمضي الوقت للأسف دون أن تعالج المطالب الملحة، وبعضها لا يتعدى إجراء إصلاح إداري يعنى بتغيير بعض المدراء، والمحافظين ليكونوا أكثر إنسانية في التعامل مع مواطنيهم، وفتح المكاتب لتصبح الرابط الحيوي بين الشعب والدولة بدلا من أن تؤدي إلى عزلة قصرية، وتساهم في إبعاد المواطن عن دولته وقتل شعوره الوطني، وذلك بسبب نزعة طلب الهيبة والاستعلاء بالوظيفة الرسمية لدى البعض، وعندما يصل النقد الشعبي إلى مستويات غير مسبوقة فهنالك من لا يزال من أصحاب العطوفة يطلب الهيبة، ويؤذي صورة الدولة، ويساهم في سحب رصيد الحكومات الشعبي وصولا إلى تقويضها، ولا يتم الانتباه إلى خطورة وجود هؤلاء في مواقع المسؤولية، والثمن الذي يترتب على ممارستهم أعمالهم بلا مراعاة لأهمية كسب ود المواطن الذي هو أساس الدولة واستقرارها. والحكومة التي لا تسمع لصوت الشارع في مرحلة إقليمية شديدة الخطورة، ولا تقدر حساسية الظروف فمتى ستصغي إلى الشعب، وهي التي تمضي وقتها في الركض خلف بعض الهيئات، والأطر الحزبية المعزولة شعبيا، وتعطيها صفة تمثيل الأردنيين الذين تنحصر مطالبهم الحقيقية بتحسين مستوى الخدمات، وان تصبح حياتهم اقل قسوة . وترى الحكومة مشغولة بطلب رضى من يدعون أن المطالب في الأردن تتعلق بمطالب تؤدي الى زيادة حصة هذه القوى من الكعكة السياسية، وقد يبطنون مطالبات تتعلق بالنظام العام واستقراره، وتترك مطالبات الناس العادية، والتي تخص معيشتهم، وكيفية حصولهم على خدمات الدولة، وضرورة توفر مسؤول صالح يبدي تفهمه لحاجة المواطن إلى الاحترام والتقدير، وعدم هدر كرامته لدى مراجعة المؤسسات التي يحتاج لخدماتها. المواطن من حقه عندما يقوم بمراجعة مؤسسة أن يحصل على الخدمة العامة دون ضرورة لتوفير واسطة، أو توصية نائب كي يصار إلى احترامه، وان لا يتم إشعاره من قبل بعض الموظفين بأنه يدخل على بيوت أبائهم، وكأنها ليست محض مؤسسات عامة وجدت لخدمة الناس، ولماذا لم يشعر هؤلاء الموظفين، والمدراء بالخوف من تغيير قد يطالهم ليعملوا على تكييف أدائهم وفقا للرغبة الشعبية، وهم ما يزالون في هذه الظروف الدقيقة التي طال النقد فيها جهات سيادية غير متأثرين بالوضع، ويمارسون ذات السلوك الوظيفي كما هو في المراحل السابقة، ولم يشعر الأردني بأي تغيير يذكر على صعيد شؤون حياته ، ومطالبه البسيطة التي لا تجد لها اذانا صاغية، فضلا عن الجدية في متابعة قضايا الفساد التي أضرت بحقوق الأردنيين، وفرصهم في العيش الكريم. فما هو الجديد الذي لمسه الأردنيون بوصول هذه الحكومة أو تلك إلى الدوار الرابع، سوى أن عدة مستشارين تم تعيينهم من أصدقاء بعض المسؤولين، وغير ذلك فكل ما يجري يحدث بمعزل عن حياة الأردنيين العادية، والمطالب البسيطة للشارع، وينحصر في الرد على الشارع السياسي، والصالونات السياسية من خلال الإعلام، وهكذا تضيع فرص التغيير الحقيقي الواحدة تلو الأخرى. علي السنيد