شـكلت الحكومة لجنة الحوار الاقتصادي لكي تسـتنبط وسائل لتخفيض عجز الموازنة العامة وتقليل الحاجة إلى الاقتراض بعد أن اقتربت المديونية من الخط الأحمر.
اللجنة لم تأخـذ هذا الواجب على عاتقها، فليس له شـعبية، ولا يريد أحـد أن يقترب منه، فالحكومة تعرف ما عليها أن تفعلـه بهذا الصدد، ولكنها تفضل أن تأتيها هـذه القرارات الصعبة كتوصية من لجنة الحوار التي تضم عدداً كبيراً من الاقتصاديين.
على العكس من ذلك، قدمت لجنة الحوار مجموعة من التوصيات بالاتجاه المعاكس، ومن شـأنها زيادة أعباء الموازنة وعجزها الذي يتم تمويله بالديون، ومن أمثلة ذلك:-
استمرار عمليات الدعم الاستهلاكي، تثبيت أسعار المحروقات في الوقت الراهن، دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، تأسيس صناديق للتمويل الميكروي، تحفيز الإعفـاءات الضريبية، تحفيـز الاندماج والاسـتحواذ في شركات القطاع الخاص، تأسيس صندوق تعثر الشركات، زيادة مخصصات الترويج السياحي، توسيع قاعـدة السلع والخدمات الغذائية والتعليميـة والسياحيـة المعفاة من ضريبة المبيعات.
لا جـدال في أن بعض هـذه النفقـات الإضافية التي أوصت بها اللجنة، مبررة، مرغوب فيها، ومطلوبة شعبياً، وربما ُيسعد الحكومة أن تأخذ بها على مسوؤلية اللجنة، ولكن الحوار الاقتصادي جاء لهدف واضح هو مواجهة التحديات التي يواجهها الاقتصاد الأردنـي وفي المقدمة اتساع العجز وتفاقـم المديونية، ذلك أن وسـائل إنفاق المال لا حدود لها ولا تحتاج أية حكومـة لمن يرشدها إليها.
في المقابل لم تجهد اللجنـة نفسها في اقتراح وفورات من النفقات الجارية، أو تأجيل نفقـات رأسمالية، أو زيادة الإيرادات المحلية. وبالتالي فإن الأخـذ بتوصيات اللجنة سوف يؤدي في النتيجـة إلى زيادة العجز وتفاقـم المديونية.
إذا صح أن الحكومة معنية فعلاً بمواجهة تحدي العجز المالي والمديونية، فما عليها سـوى الرجوع إلى الفصل المالي من الأجندة الوطنيـة، حيث جـرى تفصيل القرارات الإصلاحية المطلوبة وفق جدول زمني قابل للتطبيق عملياً ويؤدي الأخذ به ليس فقط إلى تراجع العجز المالي تدريجيـاً، بل تحقيق فائض في الموازنة بعد عدد من السـنوات حسب سيناريو موضح بالأرقام ولا ينقصه سوى التحديث.
د. فهد الفانك يكتب فشل الحوار الاقتصادي
أخبار البلد -