غياب عقلية العمل الجماعي تذكرني بظاهرة نشاهدها في الملاعب الرياضية وخاصة في الألعاب الأولومبية.
فقد حصد الرياضيون العرب 14 ميدالية في "أولمبياد ريو دي جانيرو”، منها ثماني برونزيات، وأربع فضيات وذهبيتان، كان منها أول ذهبية أردنية للرياضي الأردني أحمد أبو غوش في لعبة التايكواندو.
الملفت في "أولمبياد ريو” هو استمرار انتصارات الرياضيين العرب في المنافسات الفردية، في حين أن هناك إخفاقاً – منذ تأسيس الأولمبياد الحديثة - في تحصيل أية ميدالية عربية في المسابقات الجماعية.
قد يكون أفضل تحصيل عربي هذا الموسم في مسابقة جماعية هو الموقع الخامس في كرة اليد للفريق المصري.
ما هو سبب الفشل العربي المستمر منذ عشرات العقود في الرياضات الجماعية؟ هل هو أمر يمكن معالجته، أم هو طبع أصبح جزءًا من الجينات العربية؟
انعكست هذه العقلية الفردية في الحملة الانتخابية الحالية؛ فرغم الانتهاء من قانون الصوت الواحد، ورغم ضرورة أن يصوّت الأردني للقائمة التي يرغب بها، قبل أن يحدد المرشح الذي سيصوَّت له، أو لها، إلّا أن مراجعة سريعة للملصقات الإعلانية تظهر عدداً كبيراً وغير منطقي من الملصقات الفردية. وقد تكون الدائرة الخامسة في العاصمة صاحبة الرقم القياسي لعدد الملصقات الفردية التي تملأ الشوارع والدواوير، في حين يمكن القول إن الدائرة الثالثة حصدت ذهبية ملصقات القوائم الجماعية.
مبدأ العمل الجماعي يرتكز على فكرة القوة في الجماعة، وضرورة أن يتنازل الفرد للجماعة. ورغم أن تلك الروح موجودة في الثقافة العشائرية، إلّا أن مبدأ التعاون والعمل الجماعي مرتبط ارتباطاً عضوياً بالترتيب الهرمي الذكوري لزعيم القبيلة. ففكرة أن تتفوق امرأة على رجل، أو شاب على مسن، أو شخصية عادية على زعيم القبيلة، أمر مرفوض من قبل مَن اعتاد على أن يكون في المقدمة وفي الصفوف الأولى.
فرغم معرفة المرشحين أن الانتخابات الحالية تعتمد على مبدأ النسبية، وأن المصوِّت له الحق في اختيار من يريد، وأن ترتيب الأسماء يتم أبجديّاً، إلّا أننا نرى العديد من القوائم وعلى رأسها زعيمها، وبصورة أكبر، وببنط ضِعف حجم أسماء المشاركين معه/معها في القائمة.
يقول البعض إن فكرة الصوت الواحد لا تزال متعششة في نفوس المواطنين، وإن ذلك قد يكون سبب وجود 50 حزباً في الأردن سيفشل معظمها في إيصال عضو حزبي واحد للبرلمان الثامن عشر.
نحن بحاجة إلى ثورة في المفاهيم، وتغيير في ثقافتنا ومعاييرنا وممارساتنا، بحيث نبدأ من البيت والمدرسة والمجتمع في بناء روح العمل الجماعي، وأهمية نجاح الفريق وليس فقط نجاح الفرد؛ فليس كل لاعب هدّافاً وليس كل هدّاف جزءًا من فريق ناجح، فحتى أفضل الهدّافين يعرف أنه حتى ينجح الفريق هناك حاجة أحياناً للتنازل عن المجد الشخصي، وتمرير الكرة لآخر قد ينجح في إحراز هدف الفوز للفريق.
علينا أن نصل إلى مرحلة يشعر فيها المواطن أنه جزء من وطن، وأن نجاح الوطن مرتبط بتضحيات المواطن، والعمل الجماعي ينبع من إعطاء الأولوية للجماعة على حساب الفرد.
كيف نتغلب على عقلية الصوت الواحد؟
أخبار البلد -
يلاحظ المتتبع للحملة الانتخابية للمجلس الثامن عشر ظاهرة غريبة. فرغم أن الانتخابات ستجري على مبدأ القوائم وليس الصوت الواحد إلا أن تكرار تكريس الأفراد يوحي بأن عقلية الصوت الواحد والفردية في التعامل مع الانتخابات لا تزال مسيطرة على تفكير المرشحين.