عرفت الدائرة الثالثة في عمان بأنها دائرة الحيتان ، إذ يتقدم لها في كل انتخابات شخصيات وطنية ذات تاريخ سياسي وثقل وطني ، ومعروفة جيداً للناخبين.
ما يحدث في الدائرة الثالثة هذه المرة هو غياب تلك الشخصيات العامة المعروفة ، وحلول مستجدين محلها ، بعضهم لا نعرفهم ، ولم نسمع بهم من قبل ، وليس لهم آراء أو توجهات سياسية أو اقتصادية معروفة.
من أحدى النواحي ، قد تكون هذه الظاهرة إيجابية إذا كان المقصود أن جيل العمالقة يريد أن يفسح المجال أمام جيل الشباب ، حيث تقل الخبرة وتزيد الحماسة ، كما أن في مجلس الأعيان متسعاً.
أما من الناحية السلبية فإن غياب الشخصيات العامة ذات الخبرة والمراس ، قد يضعف دور البرلمان القادم ولا يسمح له بأن يكون نداً للحكومة.
في وقت ما قلنا أن النواب اكثر تقدماً من عامة المواطنين في مجال الوعي وتحديد مصلحة الوطن والدفع باتجاهها ، وأن الحكومة من هذه الناحية أكثر تقدماً من النواب ، وأن الملك من جميع النواحي أكثر تقدماً من الحكومة.
إذا صح هذا ، فمن نتائجه أن الملك لا يتلقى من الحكومة أفكاراً وآراء ومشاريع ومواقف كافية ، وأن البرلمان لا يستطيع أن يقيّم الحكومة ويدفعها بالاتجاه الذي يرى فيه المصلحة العامة ، وأن النواب لا يتعرضون لضغط كاف من قواعدهم ومن الرأي العام ليقوموا بالواجبات الموكولة إليهم.
تقول استطلاعات الرأي أن المواطن الأردني لا يثق بالنواب ، وثقته بالحكومة مهزوزة ، وأنه يثق بالملك والقوات المسلحة والأمن العام والبنك المركزي وبطبيعة الحال لم يدخل القضاء في المنافسة على الثقة العامة.
شطحنا بعيداً عن دائرة الحيتان وافتقارها إلى الحيتان في هذه الانتخابات. هذا الغياب يستحق التحليل والتفسير ، فلم يحدث مصادفة ، فهل يخشى قيادي مثل طاهر المصري أو ممدوح العبادي مثلاً من الفشل؟ أم أنهم ، بسبب تجارب سابقة ، لا يثقون بنزاهة الانتخابات ؟.
الفشل إذا حدث ليس عيباً ، والواقع أن فشل مرشحين مثل طاهر المصري وممدوح العبادي في الانتخابات لا يحسب عليهم بل على وعي الناخبين. .