ليس غريبا ولا بدعة خاصة بالانتخابات النيابية الحالية، قيام مرشحين ومناصريهم بالاعتداء على اليافطات والملصقات الدعائية لمرشحين وقوائم منافسة، فهي مشكلة تتكرر في كل انتخابات بحدود ما، لكنها مع ذلك تبقى سلوكا مستهجنا ومخالفا للقانون، وتعكس انحدارا اخلاقيا وسياسيا لدى بعض المرشحين، ممن يلجأون الى مثل هذه السلوكات في عتمة الليل.
مع انطلاق موسم الدعاية الانتخابية، وامتلاء الشوارع والارصفة والجسور بصور المرشحين والقوائم وشعاراتهم الانتخابية، بدأت تتوارد الشكاوى من استهداف ملصقات ويافطات مرشحين وقوائم بالتخريب والإزالة في جنح الظلام، وذلك في محاولة للتأثير على حظوظ بعض القوائم والمرشحين لدى الناخبين.
ورغم ان سلوك التخريب لملصقات مرشحين آخرين مرفوض ومستهجن بحد ذاته، سواء صدر من مرشح منافس او من افراد مناصرين، فان الأسوأ هو شن حملات اساءة وتشويه ضد بعض القوائم والمرشحين من قبل منافسين، وبما يتضمن كما في بعض الحالات في عمان، تخريب وتشويه اليافظات والملصقات الانتخابية، والضرب "تحت الحزام" بحق بعض القوائم وتأليب الشارع والأوساط الشعبية ضدها بدعوى وحجج باهتة، عبر توجيه اتهامات برفع شعارات مناقضة للدين او القيم العربية والإسلامية!
نفهم اشتداد التنافس بين مرشحين وقوائم انتخابية، خاصة في بعض الدوائر الانتخابية المسيسة، لكننا لا نفهم ولا يمكن لأحد أن يقبل أن ينحدر الخطاب الدعائي والانتخابي إلى تكفير مرشحين او قوائم، وتأليب الشارع العادي ضدهم، لرفعهم شعارات مدنية وسياسية تعبر عن فكر سياسي ليبرالي وتقدمي أو غيره. قد تكون المشكلة الرئيسية في هذا السياق، هي في دخول إعلاميين وبعض المنابر الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي على خط التصيد والتأليب ضد بعض مرشحين وقوائم انتخابية، لأهداف واسباب غير موضوعية، ولها علاقة في بعض الاحيان بمواقف مسبقة او حتى بمصالح إعلانية، ما يؤجج بعض الحملات التشويهية والتحريضية ضد مرشحين، وربما خدمة مصالح مرشحين وقوائم اخرى منافسة.
نقابة الصحفيين أصدرت اول من امس بيانا صحفيا، حذرت فيه مما قالت انه محاولات ابتزاز يلجأ لها اعلاميون او منتحلو صفة الصحفيين، لبعض المرشحين والقوائم الانتخابية، لتحصيل اعلانات ومنافع مادية، منبهة الى ان ذلك مخالف للقانون ولميثاق الشرف الصحفي. ولا يبدو أن مثل هذا التنبيه "الخجول" لنقابة الصحفيين كاف لردع العديد من التجاوزات والمخالفات التي ترتكب باسم الإعلام والصحافة، في الموسم الانتخابي، وقد تكون الحاجة ملحة اليوم لتفعيل ميثاق الشرف الصحفي والاليات القانونية والنقابية بيد النقابة للتصدي للمصرّين على ارتكاب مخالفات صحفية جسيمة، بالقفز عن المهنية والموضوعية في التغطية الاعلامية للانتخابات وحراك القوائم والمرشحين، وايضا المصرين على الخلط بين المواد الصحفية التي يفترض بها أن تقدم بصورة مهنية موضوعية وبين المواد الإعلانية والمدفوعة الأجر، التي يجب تمييزها قانونا ومهنيا عن المواد الاخبارية والمهنية.
الراهن، أن الحملات الانتخابية والدعاية لها تشهد ما هو مشروع من تنافس وترويج، في ذات الوقت الذي تشهد فيه ايضا مخالفات وتجاوزات يجب رصدها والتصدي لها بقوة، حرصا على القانون ونزاهة العملية الانتخابية، وضمانا لحق الناخبين المواطنين في استقاء المعلومات والآراء بحرية وموضوعية عن كل القوائم والمرشحين وبرامجهم، وبالتالي تحديد خياراتهم التصويتية في صندوق الاقتراع بكل حرية وموضوعية.
على هامش معركة الدعاية الانتخابية
أخبار البلد -