السباق نحو قبة البرلمان في العبدلي بدأ الخميس الماضي، وبدأنا معه نرى في الشوارع صورا ويافطات وشعارات لمرشحين تحمل آراء أصحابها ووجهات نظرهم وتطلعاتهم لأردن الغد.
خلال فترة "الكولسات" والمشاورات التي سبقت فترة الترشح بشكل رسمي ظهرت على السطح صعوبة تشكيل قوائم انتخابية عند عدد لا بأس به من الراغبين في الترشح، وظهر جليا أن بعض من ترشح إنما كانوا عبارة عن حمولة زائدة للحصول على بضعة أصوات لا أكثر، الأمر الذي أعاد جدل فائدة القانون الحالي في تعزيز مسيرة الإصلاح، ودفع البعض للتفكير جديا بطرق معالجة مظاهر الخلل التي ظهرت أثناء الفترة الماضية، وتطوير مفهوم القانون الحالي الذي يعتمد النسبية بما يسمح للدفع بطريق الإصلاح إلى الأمام بشكل أفضل وأكثر قوة وعمقا.
الأمر الأكيد أن القانون الحالي ستجرى بموجبه انتخابات 20 أيلول (سبتمبر) المقبل، بيد أن ذلك لا يمنع بأن يكون هدف المجلس المقبل تجويد ما يتوجب تجويده في القانون الحالي، وإعادة النظر في بعض التفاصيل التي ظهرت أثناء التطبيق، وتجويد المخرج الذي يمكننا جميعا من الذهاب باتجاه الإصلاح ولا يبقينا نلف في الدائرة عينها.
المأخذ الرئيس الذي ظهر خلال الفترة الماضية هو أن اغلب القوائم التي تشكلت غاب عنها برنامج يجمع أعضاء الكتلة عليه، ويظهر توافقهم على كل ما جاء فيه، وهو الأمر الذي يقتل فكرة تشكيل القوائم، ويسهم في ذلك ابتعاد الأحزاب السياسية عن طرح برامج مكتملة وقوائم خاصة بها، وذهابهم باتجاه عقد تحالفات مع شخصيات سياسية وحزبية؛ بعضها بعيد كل البعد عن برنامجها السياسي والفكري.
الإشكالية الأساسية التي تجلت كانت غياب البرامج الحزبية التي يمكن البناء عليها للذهاب لإصلاح جدي يكون مقدمة حقيقية لحكومات برلمانية، تعتمد على مبدأ الأقلية والأكثرية تحت قبة البرلمان.
المؤسف أن تشكيل القوائم لم يذهب بالاتجاه عينه، الذي ذهبت إليه فكرة المشرع، والتي أرادها من قانون الانتخاب، فالمشرع كما ظهر إبان النقاش تحت قبة مجلس النواب المنحل، كان يريد من القانون أن يضع أرضية لمفهوم التوافق على برامج ورؤى واضحة، فيما ظهر بعد الترشح وبدء الدعاية الانتخابية، أن القوائم التي خرجت كانت بعيدة عن تحقيق ذلك الهدف، حتى أن عقلية "الصوت الواحد" ما تزال مسيطرة على تفكير مرشحين، فظهر بعضهم يعلنون عن أنفسهم بطرق فردية بعيدا عن الجماعية التي أرادها المشرع.
ما ظهر يؤكد أن عقلية "الصوت الواحد" مسيطرة على مرشحين كثر، ومايزال البعض منا يدور في فلكه ولكن بطرق مختلفة، الأمر الذي يعني أهمية الأخذ بعين الاعتبار كل تلك الأمور في مجلس النواب الثامن عشر المقبل، وإعادة النظر بالقانون بما يسمح لنا الخروح من دائرة "الصوت الواحد"، وبفتح الأفق باتجاه إصلاح حقيقي مبني على برامج انتخابية يمكن من خلالها تفعيل المساءلة والرقابة على أعضاء المجلس المقبل.
الحق، أن الذهاب باتجاه اعتماد فكرة القوائم النسبية في قانون الانتخاب تطور إيجابي، يتوجب البناء عليه، ولكن في الوقت عينه يتوجب الأخذ بعين الاعتبار كل المشاكل التي ظهرت إبان تنفيذ القانون والمشاكل التي ظهرت، وأبرزها موضوع اشتراك مرشحين في قوائم ليست ذات برنامج موحد، ووجود مرشحين تجمعهم قوائم وقلوبهم شتى.
النسبية تطور إصلاحي إيجابي في قوانين الانتخاب، ولكن إعادة النظر في بعض الإشكالات التي ظهرت إبان تشكيل القوائم أمر مطلوب، وأجزم أنه واجب، ومن الضروري أخذ أبرز المواضيع المطروحة إلى جدول أعمال مجلس النواب الثامن عشر، والتي أعتقد أن عليه الحفاظ على فكرة النسبية في القانون والبناء عليها نحو تعميق مفهوم الإصلاح.
ماراثون العبدلي انطلق
أخبار البلد -