ومع ذلك، أصبح القانون واضحاً وعلى الأرض. والمهم أن لا تنجر الهيئة المستقلة التي لم تحصد الثقة في تجربتها الأولى العام 2013، إلى صراعات السياسة والحديث نيابة عن الدولة والرد على الإشاعات فهذا ليس شأنها، حتى الناطق العلامي وفريق الهيئة إذ يؤكدون الموعد.
فعمل الهيئة المستقلة فني بالدرجة الأولى، لطالما هناك قرار إجراء انتخابات، فهي اليوم تدخل الطبعة الأولى في إنجاز التغيير وما حدث في المرة السابقة لا يعدو إلا كونه الطبعة (صفر) التي تعد تمريناً أولياً بكل نجاحاته واخفاقاته.
المشكلة اليوم، في حيثيات يوم الانتخابات، وفي انتظار الفرز في اليوم التالي، والمشكلة في مواقع الثقة التي تجعل اليوم قادة وساسة غير واثقين من نجاح التجربة. وكأن ما تم التحذير منه سابقاً من القانون، قد وقع اليوم.
لا حاجة لسرد تاريخ الانتخابات والتعامل مع الأزمات، فلدى الدولة سجل طويل وتجارب طويلة، والمهم اليوم ليس الحديث عن نزاهة الانتخابات أو عدمها، فهذا المفروض ان يكون من غير المفكر به، بل التفكير بصوت مرتفع عن شكل الاستجابة التي بادلها الناس للعملية الانتخابية وهي استجابة تقرأ على أكثر من جهة ومنها البعد التقليدي مجتعميا ويرسمه طابع الحيرة والخوف والتحسب، وعلى صعيد المجتمع المدني فرصة جدية للتمرين على الرقابة واثراء التجربة، وعلى مستوى النخب وعلى مستوى الأحزاب ثمة التباس وعدم وضوح، وفي مجمل الاستجابات نجد أنها ما زالت تعيش في مظلة التجارب السابقة وهي تجارب للأسف مليئة بالاخفاقات وانعدام الثقة، وإنما الشيء الإيجابي منها، هو الاصرار على الالتزام بإجراء الانتخابات. وهو التزام من رأس الدولة بالتحديث السياسي ولكنه، التزام وإن ترجم اليوم بوجود سبعة عشر مجلسا نيابيا، إلا أن المجتمع لم ينتقل سياسياً أو يُنظم بالشكل الذي يجب أن يكون عليه.