لماذا اندفع الإخوان المسلمين إلى الانتخابات البرلمانية بمنطق " اركب معنا "؟ .
فيما مضى كانت الجماعة تخوض معركة " الترشيح " من داخل شعبها وكوادرها بحسابات معقدة ، وتختارهم آليات غالبا ما تكون منضبطة وباعداد محسوبة جدا ، الان اختلفت الصورة تماما فقد فتحت الجماعة "بازار” الترشيح ضمن قوائمها لمن يشاء ، اولولية العدد والحشد تقدمت على كل اعتبار ، ومنطق اركب معنا اصبح هو الشعار .
حدث ذلك لثلاثة اسباب على الاقل : الاول ان الجماعة فقدت توازنها نتيجة للازمات التي ضربتها ، وحالة الحصار التي وجدت نفسها فيها ، فارادت ان تخوض معركة الانتخابات بما تمتلكه من عدة وعديد ، دون ان تنتبه الى ان الزحمة تعيق المسير ، والفوضى تربك الدليل ، اما السبب الثاني فهو ان الجماعة ارادت ان تبعث برسالة الى الدولة ، ربما يكون عنوانها التحدي او لفت الانتباه ، لكن مضمونها هو : نحن موجودون ، ولا يمكن اقصاؤنا او حذفنا من المشهد العام .
يبقى السبب الثالث وهو ان الانتخابات البرلمانية موسم لتقسيم " الارزاق السياسية "وبالتالي فان الاخوان انتشروا في كل مكان لانتزاع حصتهم ، سواء من خلال شراء المتعاطفين او من خلال بيع الجمهور ، وعملية البيع والشراء التي جرت هذا الموسم اشبه ما تكون " بالتصفية " والتنزيلات التي تسبق موعد الاغلاق .
حين ندقق في قوائم الاخوان الانتخابية نجد ان الاسماء توزعت بين اعضاء في الجماعة والحزب ، وشخصيات محسوبة على خط المعارضة ، كما نجد ان العنوان المشترك بينهم هو الانتقال من الشارع واحتجاجاته الى البرلمان ومداولاته ، فمعظم الذين انضموا الى الاخوان كانوا من قادة الحراك او من الذين شعروا بالمظلومية جراء مواقف رسمية ، وبالتالي فان انضمامهم للاخوان لم يكن نابعا في الغالب من ايمان بفكرة الاخوان او حتى بمشروعهم السياسي وانما استجابة لمنطق "اركب معنا” حيث الهدف هو افحام الخصوم والدافع هو الاحساس بالقهر .
هل اخطأ الاخوان حين فعلوا ذلك ؟ اعتقد ذلك ، اولا لان ماكينة الفرز والاختيار لديهم كانت معطلة ، فتم اعداد القوائم باندفاعة وحماسة وكانت اولوية العدد تتقدم على اولوية النوع ، وثانيا لان الجماعة تخوض معركتها الانتخابية تحت وطأة الاحساس بالازمة وبواقع تشهد فيه التقسيم ، فقد رفض الحكماء المشاركة بالقوائم ، كما ان جمهور الاخوان في القواعد لا يبدو متحمسا تماما ، فلان رسالة التحدي ستفهم في اطار " الاستفزاز " وبالتالي فان الرد عليها سيلحق ضررا بالاخوان ، لا نتحدث هنا عن حق الاخوان المشروع في الترشح والحصول على اية مقاعد برلمانية ، فهذا مفهوم في سياق التنافس على الصناديق ، وانما اقصد اعتمادهم على مبدأ”التحدي” في بلد قام على التفاهمات السياسية ،خاصة في الانتخابات ، نظرا لخطورة العبث بالمكونات الاجتماعية او استخدامها كمصدات في المنافسة الانتخابية .
ربما احس البعض -خاصة من خصوم الاخوان - بالصدمة من القوائم والاسماء التي تم الاعلان عنها ، وانتابت الاخرين مخاوف من اكتساحهم للصناديق او انتزاعهم لعدد اكبر من مقاعد البرلمان ، هذا الاحساس قد يكون مفهوما في مناخات انتخابية ملبدة بالتناقضات ،حيث الاحزاب ضعيفة ، وتشكيل القوائم عملية صعبة ، وعزوف الناس عن المشاركة اصبح بمثابة انطباع عام ، لكنه هذا لا يعني ابدا ان قطار الاخوان سيمضي على سكة الانتخابات كما هو مخطط له ، لا اريد ان استبق النتائج ، لكني اعتقد ان نصيب الاخوان في مقاعد البرلمان القادم سيكون متواضعا ، وقريبا من حصتهم التي انتزعوها في الدورات السابقة التي شاركوا فيها نحو (10 %) كما اعتقد ان الذين انضموا الى مركب الاخوان وقوائهم لن يحصلوا على اكثر من الاصوات التي تصب لهم من انصارهم ، ليس فقط لان اصوات الاخوان ستذهب الى اعضاء الجماعة والحزب اولا ، وانما لان المشاركة في قوائم محسوبة على الاخوان بمعزل عن التوافق مع مشروعهم السياسي ، سيبعث برسالة غير مفهومة للناخبين ، وهذا لا يصب في مصلحتهم ولا في صناديقهم ايضا .
الإخوان : « اركب معنا » ..!!
أخبار البلد -