أخبار البلد -
بين الفينة والاخرى تعلن الحكومات انها ماضية في ضبط النفقات العامة بهدف الحد من عجز المالية العامة، ويتم ضبط النفقات من خلال تخفيف إضاءة الكهرباء والتكييف والتدفئة في الشتاء والمياومات، والعمل الاضافي ، وتقنين الدعوات والمصاريف غير المنتجة، وهذه مجتمعة لا تشكل رقما يعتد به ضمن النفقات الجارية والمصاريف العمومية، وفي بعض الاوقات تؤجل وزارات تسديد مستحقات من المياه والطاقة الكهربائية، والمقاولين بهدف تجميل البيانات المالية والشهرية للحكومة، ويتناسى مسؤولون ان الهدر المالي الكبير مصدره الاعفاءات ونفقات الوحدات المستقلة التي تناهز 25% نسبة الى الموازنة العامة للدولة سنويا.
عدد الوحدات المستقلة يناهز 60 مؤسسة ويتفرع عنها ادارات اخرى تستنزف المال العام، على شكل رواتب ومزايا خارج الكادر المالي الحكومي، فالسائق و/ او السكرتيرة وغيرهما من المهن والوظائف الهامشية يتقاضى الواحد منهم اكثر من الف دينار شهريا، ويفوق راتبه ومزاياه راتب مدير ادارة او رئيس قسم في معظم الوزارات الرسمية، وهذا هدر مالي اصبح بمثابة مرض مالي مزمن، وكأنه حق مكتسب لاصحابه.
منذ سنوات اقرت الحكومات المتعاقبة خططا لترشيق القطاع العام ومعالجة الوحدات المستقلة اما بالغاء القسم الاكبر منها و/او دمجها بالوزارات المعنية كل حسب الاختصاص، الا ان النتائج كانت ولا زالت مخيبة للامال، وتمترس اصحاب النفوذ والرواتب الكبيرة بمقاعدهم، وتوقفت قاطرة اصلاح هذا، وهذا التوقف سببه في حينه ان الشارع لا يحتمل التدخل القسري الغاء عدد من الوحدات، واعتصم موظفو عدد من المؤسسات بدعم وتحريض بعض مسؤوليها الذين لاذوا بالصمت والرضى وتم طي ملف الاصلاح المالي على هذا الصعيد طي الادراج.
الاصلاح المالي الحقيقي لا يتحقق بفرض المزيد من القرارات الجبائية، وانما بترشيق القطاع العام، والتخلص من نصف الوحدات المستقلة على اقل تقدير، والكف عن ممارسة سياسة الاعطيات بغير حق، الاصلاح يجب ان يحسن دورة الاقتصاد وعدم تحميله المزيد من الاعباء في ظل ظروف شديدة الوطأة...