من أين نأتي بالكلمات التي تعبر عن مخزون بركاني هائل من الكبت والقهر والإذلال يجثو فوق صدرونا منذ ستة عقود وثلاث سنين يفوق ما حصل مؤخرا باليابان، وكيف ستبلغ الكلمات ذروة معانيها وتبلغ مرامها وهي تتحدث عن عروس عروبتنا ومهد أنبيائنا وقبلة حبيبنا الأولى ومسراه إلى لقاء ربه جل وعلا، كيف ستتعملق الحروف لتكتب عن الجريمة الأكبر في العصر الحديث، جريمة نكراء وقعت بتآمر عالمي غربي لعين ومؤامرات ومعاهدات شيطانية أفضت لولادة هذا المسخ السرطاني اللعين وزرعه في قلب أمتنا النابض فلسطين الجريحة.
ما عذرنا يا سيدة الحرائر إن سألنا الأبناء والأحفاد عن سبب صمتنا وتخاذلنا في حقك، ما ردنا إن عاتبنا الفاروق أبا حفص على تفريطنا بك، ما هو الجواب المقنع الذي سنرد به على الناصر صلاح الدين إن لامنا وبشدة على تفريطنا بجهده وجهاده الطويلين، وما موقفنا من أبنائك الذين ارتقوا شهداء وسقوا ترابك الطاهر من دمائهم الزكية الطاهرة، وما حجتنا من الصمت المخزي تجاه الآلاف من أبنائك الذي تعتقلهم يد الخسة والجبن والإرهاب.
ستبقي عروستنا الغالية التي دنست رغما عنها ولكنها بقيت طاهرة عفيفة، ستبقي رمز مقاومتنا للظلم والعدوان ما حيينا، سيحتفظ أولادك البارين بمفاتيح الدور العتيقة وإن اقتلعتها الأيادي الآثمة الجبانة، وسيعلمون الأبناء والأحفاد أسماء المدن والقرى التي طمست هويتها، سنحافظ على العهد يا فلسطين وسنبقى ننتظر من يقودنا لتحرير القيود من معصميك، فقد طال أمد العدوان، وتجرأ عليك هذا الكيان الغاصب الوحشي، وساعده في ذلك صمت من كان الواجب عليهم تجهيز الجيوش لتحريرك وإعادتك حرة أبية عربية إسلامية، إنهم يشترون السلاح المثقل بالصدأ ومن ثم يوجهونه إلى صدور أبناء الأمة إن عارضوا أو انتقدوا، عذرا حبيبتي فلسطين فنحن لا نقدر إلا على الكلام ولا نملك إلا سلاحا فتاكا واحدا لا يستطيع أحد سلبه منا ولا مصادرته بأي مكان أو حال أو زمان، إنه سلاح التوجه إلى رب العزة والدعاء الصادق بعد إخلاص النية والعمل بأن يرفع الله عنك الإحتلال والظلم والعدوان ويحررك من قيود أبناء القردة والخنازير، وأن يفك أسر أبنائك، ويرحم الشهداء الأبرار الذين سقطوا فوق ترابك الطهور، وأن يهيأ الله لنا من يقودنا لتحريرك والصلاة في الأقصى الحزين المغتصب فك الله حصاره وأسره وأعاده إلى أمته وسائر فلسطين الحبيبة إنه ولي ذلك والقادر عليه إنه مولانا نعم المولى ونعم النصير.