ثلاثة انقلابات صفّق لها الجمهور

ثلاثة انقلابات صفّق لها الجمهور
أخبار البلد -  

مثّلت تجربة تركيا الأتاتوركية النموذج الأنجح والأعمق، من منظور علاقة المجتمعات العربية والإسلامية بالحداثة، قياساً بتجارب التحديث السطحي التي قامت في كل من إيران ومصر والعراق وسورية، وذلك بفعل صدمة الحداثة، ودخول تلك البلدان في زمانية التوسع الرأسمالي العالمي، وما تلا ذلك من تفكك النظام الإمبراطوري للسلطنة العثمانية.

 

 

بعد تجربة التحديث المتواضعة تلك، تمكّن الانقلابان: القومي العربي، الذي بدأ في مصر بداية الخمسينات وانتقل إلى سورية والعراق في الستينات، والخميني في إيران نهاية السبعينات، من اجتثاث مكتسبات الحداثة السطحية وبراعم الحياة المدنية في إيران والبلدان العربية المذكورة، ومن ثم أعاد هذان الانقلابان الاعتبار الى بنى «المجتمعات» التقليدية ما قبل الكولونيالية، في مواجهة ممكنات واحتمالات جديّة توافرت لتأسيس تاريخ مغاير، يتجه نحو المعاصرة والكونية.

 

 

فما أن استقر الانقلاب القومي العربي، بداية السبعينات، في أشكال حزبية وحركات توتاليتارية و»دول» تسلطية، احتكرت الحياة العامة احتكاراً مطلقاً، واستقر، كذلك، الانقلاب الخميني في «دولة» مذهبية وعنصرية ذات نزوع إمبريالي متأخر معادٍ لمحيطها العربي والإسلامي، حتى أدخلا المنطقة في أتون الحروب والصراعات العبثية المدمرة، من طريق استعادة الماضي وانقساماته الهوويّة، وتسييس العلاقات المذهبية والإثنية، وممارسة السياسة بوصفها حرباً على «شعوبها» أولاً، وعلى الأغيار ثانياً.

 

 

صحيح أن كتلة كبيرة من الجمهور في المنطقة صفقت لهذين الانقلابين، تحت تأثير سحر شعارات القضية الفلسطينية ومعاداة الإمبريالية والشيطان الأكبر، إلا أنهما، فعلياً، أكثر ما أضّر بالقضية الفلسطينية، وأكثر ما استقدم التدخلات الخارجية في بلادنا، وساهم هذان الانقلابان، ذاتياً وموضوعياً، في توليد التطرف الإسلامي بشقيه السني والشيعي. وقد انطوت «ثورات الربيع العربي»، في أحد مناحيها، على توق جارف الى تصفية «آثار العدوان» لهذين الانقلابين ونتائجهما على «شعوب» المنطقة ومقدراتها ومصائرها، ولن تستطيع «مجتمعاتنا» الخروج من واقعة «حروب الجميع على الجميع» الحالية، إلا بتصفية المبادئ المعرفية والأخلاقية والسياسية التي كرّسها هذان الانقلابان.

 

 

وفيما «شعوب» المنطقة تكتوي منذ عقود بعنصرية السياسات الخمينية وعدوانيتها، وبالنتائج التي راكمتها سياسات «الدول التسلطية» التي تناسلت من صلب التيار القومي العربي، تتوضح، اليوم، بعد فشل الانقلاب العسكري في تركيا، ملامح الانقلاب الأردوغاني في مواجهة مكتسبات المرحلة الأتاتوركية، والذي نرجو أن لا يسير على خطى الانقلابين السابقين. وهذا الرجاء يستند إلى معطيات واقعية، منها: ثقل الإرث الأتاتوركي ورسوخه في الثقافة والاجتماع التركيين، وقوة نفوذ النخب العلمانية والفئات الوسطى، وتجذّر مناحي الحياة المدنية، إضافة إلى علاقة إسلام «حزب العدالة والتنمية» بالحداثة، بوصف هذه العلاقة نموذجاً لاستلهام النخب المدنية في البلدان العربية والإسلامية.

 

 

إلا أن حملات الاعتقال الواسعة التي نفذتها الحكومة التركية، ولا تزال تنفذها، ولم تقتصر على العسكريين فقط، بل طاولت الإعلاميين والصحافيين والسياسيين والقضاة والمعلمين وغيرهم، تجعلنا غير متفائلين بنهايات الانقلاب الأردوغاني، بخاصة أنه يتشارك مع الانقلابين الخميني والقومي العربي بسمات مهمة: أولها، الاستعانة بالقسم الريفي والمتأخر من المجتمع لمحاصرة القسم المديني الذي تفلت من شباك التقليد والمحافظة. ثانياً، الاعتداء على الدولة وإلغاء مبدأ حيادها تجاه الأفكار والعقائد والمذاهب والأديان. ثالثاً، تبني أيديولوجيا ما فوق وطنية تستبطن نزعة إمبراطورية شمولية لضبط الداخل وقمعه وممارسة النفوذ والهيمنة في الإقليم. رابعاً، تضخم منظومة الشعارات الشعبوية المعادية لأميركا والغرب، مع تشديد على فكرة «السيادة الوطنية»، التي تعني واقعياً مطاردة ظواهر الحداثة وتجلياتها في الداخل، بوصفها منتجات غربية، تتعارض مع مفهوم السيادة النرجسي. خامساً، شخصنة السلطة وإدماجها في كاريزما الزعيم التاريخي.

 

 

يبدو أن المسائل في تركيا أعقد من أن تُحسم قريباً، لكن ما نتمناه أن لا يقف مؤرخ ما، بعد عقد أو عقدين، ويكتب عن ثلاثة انقلابات أنهت، إلى أمد غير منظور، محاولات العالم الإسلامي الدخول في الحداثة.


 

 

 

 

 

 

 
شريط الأخبار هل تعود الاجواء الماطرة على الأردن ؟ - تفاصيل شركس: "المركزي الأردني" استطاع ان يزيد احتياطياته لـ أكثر من 24.6 مليار دولار حريق حافلة شركة العقبة للنقل والخدمات اللوجستية.. اذا عرف السبب بطل العجب ! الشموسة تثير الجدل وتحذير أمني عاجل بعد حوادث مميته زخة شهب "التوأميات" تضيء سماء الوطن العربي الضمان الاجتماعي: الدراسة الاكتوارية تؤكد متانة الوضع المالي واستقراره الأمن العام: ندعو كل من يمتلك مدفأة من المتعارف عليها باسم الشموسة وبكافة أنواعها بإيقاف استخدامها بمشاركة مدراء مستشفيات وخبراء ..جامعة العلوم التطبيقية بالتعاون مع مستشفى ابن الهيثم يقيمان ندوة هامة عن السياحة العلاجية 4 ملاحظات خطيرة تتعلق بديوان المحاسبة امام دولة الرئيس علي السنيد يكتب: كبار الشخصيات العامة يفشلون المبادرات الرسمية مصادر: أميركا حجبت معلومات مخابراتية عن إسرائيل خلال عهد بايدن الملكة: أمنياتنا لكم بعام جديد يحمل السلام وتمتد فيه أغصان الأمل بين الأجيال الأردنية الفرنسية للتأمين تعقد إجتماعها العمومي العادي وتصادق على بياناتها 1.237 مليار دينار صادرات تجارة عمان خلال 11 شهرا تقرير نقابة ملاحة الأردن الحادي عشر.. نمو واضح ومؤشرات إيجابية عززت مكانة ميناء العقبة المتحدة للإستثمارات المالية تنشر التحليل والأرقام والقراءة في حجم التداول الأسبوعي لبورصة عمان مدرسة أردنية تنعى ثلاث شقيقات قضين في حادث مأساوي وفاة طالب متفوق تشغل المصريين.. تركه والده بالمدرسة في حالة إعياء الأرصاد تنشر تفاصيل الحالة الجوية من السبت إلى الثلاثاء وفيات الأردن اليوم السبت 13/12/2025