الشعب يريد إتمام الانضمام
بقلم محمد سلمان القضاة
فجأة، وبين ليلة وضحاها يتم الإعلان عن الترحيب بانضمام الأردن إلى مجلس التعاون الخليجي، حيث سرعان ما يسأل السائل عن تفسير لما يعنيه ذلك أو عن ما هو متوقع بعد ذلك؟ ليجيب آخر للوهلة الأولى أنه وضمن إطار التعاون الجديد فقد يكون بمقدور أي من الأردنيين السفر إلى أي دولة خليجية، سواء لزيارة ذويه العاملين هناك أو للعمل أو البحث عن عمل، دون الحاجة إلى تأشيرة، أي على طريقة السفر والتنقل بين دول الاتحاد الأوروبي!!
لا بل ربما يطمع ويتعشم الأردنيون أكثر بحيث يمكن لأي أردني –بالطبع أو أردنية- التوجه لأداء مناسك العمرة لحظة تطرق الفكرة مخيلته، لا بل وربما يمكنه أداء فريضة الحج وفق الشروط والظروف التي تحكم بقية الأهل والعشيرة في دول الخليج العربي.
وماذا غير ذلك من الآمال والتأملات التي قد ينبؤنا بها سراج علاء الدين يا ترى؟ والجواب هو ربما يمكن للأردنيين أيضا أن يتمتعوا بكل الحقوق التي يتمتع بها أهلنا في الخليج في ما بينهم، ذلك في مقابل تأدية الواجبات التي ينبغي للجميع تأديتها تجاه "مجلسنا التعاوني الخليجي الجديد"، وبحيث تكون أهداف الجميع واحدة موحدة، وبحيث يتم تبادل الخبرات والثقافات، وليس أقلها تبادل ثقافة المنسف مع ثقافة الكبسة بكل تأكيد.
وماذا أيضا يا ترى من مستجدات محتملة على المستوى السياسي والعسكري والأمني؟ وهنا يبدأ المشوار الحقيقي، فدخول الأردن عضوا من شأنه أن يضفي مزيدا من الهيبة العسكرية والأمنية لدول المنطقة على المستوى الإستراتيجي، حيث ما من شك أنه يشار إلى قوة وحسن تدريب الجيش العربي الأردني بالبنان في المحافل العسكرية، وحيث يعتبر الأردن ميدانا ومدرسة للتدريبات العسكرية والأمنية على مستويات عالمية، وحيث لا يقلل ذلك من شأن القوة العسكرية والأمنية الخليجية شيئا، بكل تأكيد، بل إنه يتكامل معها ويضيف إليها، وخاصة في ظل القدرات التسليحية التي تمتلكها بعض أو كل دول الخليج الأصلية، والتي يشكل الأردن امتدادها الطبيعي والإستراتيجي إلى الشمال وبالعكس.
كما أن انضمام المملكة الأردنية الهاشمية، إضافة إلى احتمال انضمام المملكة المغربية إلى ممالك وإمارات الخليج العربي من شأنه تكوين نادي ملكي كبير يكون مستقرا وحصينا ضد الثورات الشعبية والاضطرابات التي تشهدها الساحة العربية في ما يسمى بربيع العرب.
والكتلة الخليجية الجديدة المتجانسة تشكل قوة لا يستهان بها في مقابل القوة الإيرانية الناهضة من جهة أو في مقابل القوة الإسرائيلية من جهة أخرى، هذا المستوى العسكري، وأما على المستوى السياسي فسيصبح للخليج عددا أكبر من الأصوات في أي شأن قد يضطر العرب الاجتماع من أجله، أو الاقتراع فيه في المحافل الدولية، ذلك في ظل توقع نعي الجامعة العربية نعيا نهائيا، فهي ما عادت ذات جدوى، ولا هي باتت تحظى بثقة الشعوب العربية على جميع الأحوال.
وإذا كان الأردن يشكل قوة عسكرية لا يستهان بها، فإن القوة الخليجية ربما هي أدهى وأعتى، وإنه بتكامل مجموع القوى، فإن الأردن سرعان ما يتخلص من فزاعة الوطن البديل مرة واحدة وإلى الأبد، تلك الفزاعة التي ما فتئت تل أبيب ترفعها في وجه عمّان بين فينة وأخرى، ومن هنا يمكننا القول "الشعب يريد إتمام الانضمام".
فكما تحركت قوات خليجية إلى البحرين عندما دقت المنامة جرس الإنذار، فسرعان ما تتحرك قوة دول الخليج إلى الأردن في حال لوحت عمان بيديها من بعيد!!
ويمكن القول إن القائد المحبوب عبد الله الثاني سياسي محنّك، وإنه أدار دفة الوطن إلى بر الأمان بكل الاقتدار. وأما باختصار، فإن العملية برمتها وفي مثل هذا التوقيت ربما تعتبر "خبطة معلم".
كما يمكن القول "وبالعكس"، بشأن كل ما مضى، فالتوحد الخليجي الأكبر من شأنه ترسيخ وتثبيت الأمن القومي لدول المنطقة بشكل عام. وعلى ذكر العكس وبالعكس، فهل نشهد يا ترى خطوط سير حافلات جديدة مثل "إربد المدنية المنورة مكة المكرمة وبالعكس"، أو "عجلون الدوحة أبو ظبي وبالعكس"، أو حتى "عمان الرياض الدوحة أبو ظبي مسقط المنامة الكويت وبالعكس" أو غير ذلك من خطوط مباشرة سواء أكانت تنتهي بالعكس أو لا تنتهي، من يدري!!
وأما خلاصة القول، فنرجو كل الخير والبركة لكل دول العالم الإسلامي والعربي، ولكل دول المنطقة، ونرجو أن تشكل القوة الخليجية الجديدة مجتمعة قوة رادعة ذات هيبة على المستوى الإستراتيجي، أكثر من أن تحاول قوى عظمى كالولايات المتحدة استغلال المنطقة وقودا في حروب ليس للعرب فيها لا ناقة ولا جمل!! وهنا تكمن ضرورة انبثاق الإرادة السياسية لدول المنطقة مجتمعة في مد يد الصداقة وحسن الجوار مع إيران ومع تركيا، بدلا من أجواء التصعيد والتوتر على المستوى الإقليمي، وبالتالي تفويت الفرصة على إسرائيل التي ما فتئت تسعى إلى إشعال المنطقة برمتها!!
وأما الثورات الشعبية العربية من أجل الانفكاك من العبودية والعيش بديمقراطية، فلها من المولى النصر والتوفيق والسؤدد، وللشهداء ولذويهم المجد ولهم طوبى ولهم حسن المآب.
*إعلامي، أردني مقيم في دولة قطر
رئيس وزراء حكومة الظل الأردنية.